أريري: لوكان الأمر بيدي لوضعت تاجا على رؤوس الحرفيين بفاس !

أريري: لوكان الأمر بيدي لوضعت تاجا على رؤوس الحرفيين بفاس ! عبد الرحيم أريري بالمدينة العتيقة بفاس
لو كان القرار بيدي، لألزمت كل الوزراء على تضمين كنانيش التحملات بضرورة تجهيز مقرات الوزارات والمصالح الخارجية، حصريا بمنتوج الصناعة التقليدية المغربي، بدل إهدار المال العام في شراء منتوج صيني أو تركي أو أوربي أو أمريكي أو "بلاستيكي"، وبالتالي اغتيال الصناعة التقليدية المغربية .
 
لو كان القرار بيدي، لألزمت مدير المجموعة البنكية بالمغرب، بأن يجبر كل رؤساء الأبناك المغربية بوجوب تجهيز مقرات الأبناك وفروعها بمنتوج الصناعة التقليدية للحرفيين المغاربة، بدل الإسهال في تزيين مقرات الأبناك بمنتوج دول أجنبية لدرجة الاستيلاب.
 
لو كان القرار بيدي، لبادرت على الفور إلى استدعاء رئيس نقابة الباطرون (CGEM)، ليوقع علانية على إشهاد يلتزم فيه أرباب الوحدات الصناعية والفندقية والخدماتية بالمغرب، بأن يعطوا الأولوية لشراء منتوج الصناعة التقليدية المغربي لتأثيث وتجهيز شركاتهم وفنادقهم ومكاتبهم ( نحاس، خزف، فخار، خشب، زجاج، زرابي، زليج، طرز، مصنوعات جلدية، إلخ...)، بدل تسابقهم المحموم بطريقة "كانيبالية" في من سيكون له السبق في إعلاء المنتوجات الأجنبية بدل تشجيع منتوج "ولاد لبلاد".
 
لو كان القرار بيدي، لألزمت الرئيس المدير العام للقطب العمومي، بأن يسخر التلفزة العمومية لإطلاق حملة تسويقية( كبسولات إشهارية، برامج حوارية، روبورطاجات ذات مضمون هادف وذكي) لتعبئة المغاربة لشراء ما يصنع محليا في ورشات الصناعة التقليدية المغربية لتشجيع الصناع التقليديين وحماية أرزاق 2،7 مليون مغربي ومغربية يشتغلون في هذا القطاع( أي ما يشكل 22% من مجموع الساكنة النشيطة بالبلاد)، ويساهمون في الناتج الداخلي الخام بحصة 7% من المجموع العام.
 
تأسيسا على هذه القناعة، أحرص كلما زرت فاس، أن أتيه في المدينة العتيقة فقط. فرغم أن مساحة فاس تقارب 31 ألف هكتار، فما يغريني في العاصمة الروحية للمغرب هي التجول والتبضع والتسكع  وتناول الوجبات في مدينة فاس القديمة فحسب، علما أن المدينة العتيقة  لاتمثل سوى 0،9% من المساحة الإجمالية لفاس.  
 
تعلقي بفاس العتيقة لا يرتبط فقط بكونها من بين أقدم المدن في العالم، أو لكونها مصنفة تراثا للإنسانية من طرف اليونيسكو. إن تعلقي بها يعود لكونها المدينة الوحيدة في الكون التي تضم أكبر فضاء للراجلين espace piétonnier.
 
فإذا أسقطنا المباني والمساجد والقيساريات والمحلات التجارية التي تزخر بها، نجد أن فاس العتيقة تمنح للراجلين فضاء خاصا بهم على مساحة تفوق 40 هكتارا، وهو الفضاء الذي  لا تلجه سيارة أو حافلة أو دراجة على امتداد 9500 زنقة وزقاق موزعة على الحارات والدروب الضيقة. وهذه المساحة ( 40 هكتار كفضاء للراجلين)، لم تتمكن أي مدينة في العالم من توفيره لساكنتها برغم الموارد المالية والقانونية التي توفرت لحواضر اليوم في أوربا وأمريكا وآسيا، علما أن عمر فاس العتيقة يمتد إلى 1200 سنة خلت، وهو ما سمح بأن تكون فاس على مر مئات السنين، منبتا للورشات الحرفية التي أنتجت أمهر الصناع التقليديين في مختلف الحرف، لدرجة أن "صنايعية فاس"، يحققون لوحدهم  حوالي 12% من رقم معاملات مجموع الصناع التقليديين بالمغرب ككل.
 
وحين أقتني منتوجا تقليديا من فاس( أو من أي محل للصناعة التقليدية بباقي مدن المغرب)، فأنا لا أقتني بضاعة اقتصادية عادية، بل أقتني جزءا من تاريخ بلدي وإعلاء لحرفة أجدادي، وإشهارا لشعاري الخالد: " الأولوية لمنتوج ولاد بلادي".
 
ملحوظة: 
الصورتان بزنقة الطرافين ( بداية الطلعة الكبيرة)، نحو باب بوجلود.
في الصورة أتناول قهوة وحلوى" بلدية" بمقهى با حماد. وفي الصورة الأخرى ماغنمته من منتوج (جاكيط جلدية) اقتنيتها من عند عبد الوهاب الدباغ ، الذي ورث الصنعة عن المرحوم والده.
هاتف سي عبد الوهاب، أنشره باتفاق معه: 0677691244