الوطن ليس مجرد حدود على الخريطة، ولا أرضًا نسكنها فحسب، بل هو نبض القلب الكبير الذي يجمع أبناءه صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، في حبٍّ لا يعرف نهاية. فكلنا فداء للوطن، وكلنا عشقٌ ووفاء له بلا حدود.
لكنّ لهذا العشق ضريبة، وضريبة الحب الحقيقي لا تكون يومًا سهلة. فكل من أحب وطنه بصدق، وتجرّأ أن يقول كلمة الحق، يواجه سهام الحسد، وسموم الإشاعات الكاذبة، والاتهامات الجائرة التي قد تطال شرفه وكرامته وأرضه.
غير أن سلاح المؤمن بالحق أقوى من كل باطل. هو الإيمان العميق بعدالة السماء، الذي يجعلنا كالجبل الراسخ، لا تنحني رؤوسنا إلا للحق، ولا تنطفئ فينا شعلة العزيمة مهما اشتدّت العواصف. نحن شموع الوطن التي تضيء طريقه، وتنير الدروب لمن حولها، ولو احترقت في سبيل ذلك.
الزمن وحده كفيل بأن يكشف لنا الوجوه الحقيقية. فالأصدقاء وقت المصلحة يسقطون سريعًا عند أول امتحان، مثل أوراق الخريف التي لا تقوى على مواجهة الريح. هم أشباه الأصدقاء، بلا جذور، بلا وفاء.
وللأسف، في زمننا هذا، أصبح بعض ضعاف النفوس من المسؤولين يستغلون جهل البسطاء، فيحوّلونهم إلى أدوات لتنفيذ مصالحهم، محرّكينهم كما يشاؤون، دون وعي أو ضمير. مشهد مؤلم يوجع القلب والروح، ويكاد يشلّ كل جهد وطني صادق