الجزائر القوة الإقليمية... في تصدير المرضى إلى أوروبا!!

الجزائر القوة الإقليمية... في تصدير المرضى إلى أوروبا!! مرضى الجزائر يتكدسون في علب سردين بالمستشفيات

في بلاد العجائب المسماة جزائر، حيث النفط يفيض كالأنهار ولكن الحقنة تُشترى بالاستعطاف، يعيش المواطن تجربة صحية فريدة من نوعها لا تجدها حتى في أفلام الرعب. نعم، نحن في بلد إذا قلت إنك مريض، فالمعجزة ليست في شفائك بل في نجاتك من رحلة العلاج نفسها.

 

المستشفيات؟ آه، تلك التحف المعمارية التي تظنّها خرائب رومانية! أرضياتها تشهد على كل أنواع البكتيريا، وجدرانها تعرف أكثر عن الأمراض من كتب الطب. أما الأجهزة، فإمّا عاطلة عن العمل أو معروضة فقط للزينة — ديكور عصري يوهمك بأنك في القرن الحادي والعشرين، بينما أنت في الحقيقة ضيف على العصور الوسطى.

 

في الليل، يتحوّل الوطن إلى فيلم رعب صحي بعنوان "المريض المفقود"، لأنك إن أصبت بألم في منتصف الليل فالحل الوحيد هو الدعاء… أو سيارة “فرود” بمضاعف السعر. المستشفيات تغلق أبوابها في الرابعة مساءً، وكأن الأمراض تحترم أوقات الدوام وتعود للنوم بعد العصر.

 

أما المسؤولون، فقصتهم مختلفة. هؤلاء لا يمرضون هنا - عند أول عطسة، تجدهم في باريس أو جنيف، محاطين بأطباء فرنسيين يراقبون ضغطهم بينما الشعب يراقب ضغطه يرتفع من القهر. المفارقة أن البلد الذي يصدر الغاز لأوروبا، لا يملك مستشفى واحدًا يصلح لعلاج الزكام.

 

ومع ذلك، تُطلّ علينا نشرات الأخبار الرسمية لتبشّرنا بمشاريع “إصلاح المنظومة الصحية”، وكأن المشكلة في المنظومة، لا في من “نظّمها”. كل شيء محسوب بعناية: المواطن يمرض، يتعذّب، يدفع، ثم يبتسم لأنه ما زال حيًّا… مؤقتًا.

 

في النهاية، نعيش في جمهورية الطبّ بالبركة، حيث المصل يُستبدل بالماء، والابتسامة تُعتبر علاجًا، والدعاء وسيلة النقل الوحيدة للمستشفيات البعيدة. أما من يملك بطاقة “المسؤول”، فصحّته محفوظة في ثلاجات أوروبا، بعيدًا عن صدى أنين هذا الشعب الذي لم يجد حتى سريرًا يليق بآلامه.