محمد عزيز الوكيلي: الواقع في "العالم الآخر" بعد قرار مجلس الأمن؟!!

محمد عزيز الوكيلي: الواقع في "العالم الآخر" بعد قرار مجلس الأمن؟!! محمد عزيز الوكيلي
تطرقتُ في مقالي السابق عمّاذا ينبغي التعجيل به من لدننا، داخليا وخارجيا، بعد صدور القرار الأممي الداعم للطرح المغربي، ولمشروع الحكم الذاتي كمنطلَق أساسي وفريد لأي مباحثات أو مفاوضات رامية إلى إقفال هذا الملف، واستعرضتُ في هذا الإطار خطواتٍ عمليةً ينبغي البدء بها داخل المملكة وخارجها، وانتهيت إلى أن الشق الخارجي ربما سيظل ملتبساً، وغامضاً، لأن الطرفَ الجزائريَّ وعرائسَه الكارتونية ما زالوا على نفس الموقف والمنوال، في رفضٍ للواقع عديم الجدوى والفائدة، حتى بعد أن صار أمرا واقعاً يستحيل بعد الآن القفزُ عليه، أو تجاوزُه بأي شكل من الأشكال، وبأي مبرر مهما كان مصدره، لأنه من العسير أن يستقيمَ اللعبُ مع الإرادة الدولية، وخاصةً عندما تتكفل الولايات المتحدة الأمريكية، بقدّها وقديدها، بمسؤولية ضمان سريان تلك الإرادة!!
 
الجزائر ونظامُها "السبعيني" لم يستطيعا الخروج ولا الانعتاق من سبعينيتَيْن اثنتين تشكّلان وتكيّفان ذلك النظام على صعيدين: 
 
- الأول لأن أعمار أعلامه الأكابر تتميّز بكونها سبعينيةً على الأقل، إذ لا أحد منهم تحت سقف السبعين من العمر، وهذا كان الأحرى به أن يضعنا أمام نظام من الحكماء أصحاب العقول النيّرة، لا إزاء شرذمة من المدوّخين على مدار الساعة، نسأل الله السلامة والعافية!!
 
- والثاني لِالتصاق ذلك النظام بسبعينيات القرن الماضي، حيث مَوازين الحرب الباردة هي المعيار المعوّل عليه لصياغة المواقف والمفاهيم، "فإما معي أو مع عدوّي"، وحيث لا وجود لمنزلة بين المنزلتين، وقد فهمنا ذلك منذ أيام الدراسة الجامعية قبل سقوط جدار برلين، في بداية التسعينيات، وأيقنّا من أنّ عدم الانحياز كان في حد ذاته انحيازا مقنّعاً لأحد المعسكرين، لأن الواقع كان يُعرّي ذلك في كل المناسبات !!
 
هذا النظام المسكين يوجد الآن في موقف ولا أفظَعَ ولا أسوَأ:
1- هناك مواقفه المصوغة ضد بلادنا من جانب واحد، مِن إقفال الحدود البرية والبحرية، سنة 1994، إلى الفرض المستديم للتأشيرة، إلى القطع الأُحادي للعلاقات الدبلوماسية، إلى الإغلاق المنفرِد للأجواء في وجه الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وحتى في وجه الطائرات الأجنبية المسجلة بالمغرب، وكأن مجرد تسجيلها داخل التراب المغربي يحوّلها إلى عدوٍّ بمقاييس ذلك النظام!!
 
2- هناك إرثه "البوخروبي" والقذافي، المتمثل في شرذمة من شماكرية المنطقة، يقودها صورياً ابن الرحامنة "المسخوط" إبراهيم الرخيص، والحراميون المُلتفّون من حوله، لا لأنه القائد الملهَم، وإنما لكونه الجسر الواصل بينهم وبين الإثخان في الخزينة المالية الجزائرية، يغرفون منها كيف يشاؤون على حساب شعب أنهكته الحكرة، وقوّضت أكتافَه الطوابير!!
 
كيف سيتخلص ذلك النظام من أولئك "الشماكرية"، وأغلبهم من الجزائر ذاتها، ومن مالي، وموريتانيا، والتشاد، ومن بعض بلدان أمريكا اللاتينية... شرذمة من الطفيليين تمتص دماء الجزائريين بكل أريحية... كيف سيتخلص منهم ذلك النظام بعد أن منحهم الأموال، وملأ مستودعاتهم بالخردة الروسية، وتنازل لهم عن تراب يعلم أنه هو نفسه سيخرجُ منه طال الزمان أو قَصُر.... لأن المغرب الذي تمنطق بسيف الصبر طوال نصف قرن ويزيد، إلى أن حقق مرادَه واسترجع حقَّه كاملاً غيرَ منقوص، قادر على استرجاع صحرائه الشرقية ولو بعد جيل آخر أو جيلين، لأن التاريخ المغربي لا يرحم!!
 
3- وهناك الحركة المفاجئة والنشيطة، التي سرت دماؤها في جسد الاتحاد الإفرقي، بعد سويعات قلائل من صدور قرار مجلس الأمن ذاته، والمتمثلة في الدعوة التي أطلقتها دولٌ غيرُ قليلةٍ، عُضوٌ في الاتحاد الإفريقي، من أجل عقد اجتماع استثنائي وعاجل للاتحاد، لتَدارُس وضعية "جمهورية الوهم"، بعد أن ضرب قرار مجلس الأمن وجودَها بالكامل، إذ كيف يَقبل الأفارقة النظاميون الرسميون بقاء كيان داخل اتحادهم لم تعد له حتى تلك الهيأة الكارتونية لوصف "دولة"، علما بأنها لم تكن دولةً في أي وقت من الأوقات؟!
 
4- هناك أمام ذلك النظام، كذلك، عزلتُه القاتلة، العربية والإفريقية والدولية، وقد انضافت إليها، بين يوم وليلة، العزلة المتوسطية من جراء إعلان الاتحاد الأوروبي يوم أمس إقرارَه الجماعي بمخطط الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية... واستعداده لإصلاح وترميم ما أفسدته قرارات محكمة العدل الأوروبية بخصوص التبادل الأوروبي التجاري مع جهتَيْ الجنوب المغربي، فكيف سيعالج ذلك النظام الكسيح تدهور علاقاته بالاتحاد الأوروبي، ومن خلاله حلف الناتو، ثم من خلال حلف الناتو، البيت الأبيض الأمريكي ومكتب العم ترامب البيضاوي ؟!
 
5- ثم هناك اشتعال الأسئلة الحارقة في الشارع الجزائري، حول مئات الملايير من الدولار، التي أُنفقها ذلك النظام بسفهٍ قياسي على ميليشياته الجنوبية من أجل صحراء لن تطأها أقدامُ عَجَزَتِه، ولا في الأحلام؟!
 
6- وأخيراً،  وليس آخِراً، ما الذي سيفعله ذلك النظام البئيس مع دول كارتونية كان يشتري ولاءَ قادتِها بمقدَّرات مواطنيه، مثل جنوب إفريقيا، وتونس، وكوبا، وتنزانيا، وغيرها من شماكرية إفرقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية؟!
نهايته... اللهم لا شماتة!!!
 


محمد عزيز الوكيلي /إطار تربوي متقاعد