منذ عقود طويلة ظلت الصحراء المغربية أكثر من مجرد ملف سياسي؛ إنها جرح في الوجدان الوطني وساحة لا تخبو فيها جذوة الصبر والموقف.
خاض المغرب معارك كثيرة، بعضها على رمال الميدان وبعضها الآخر في دهاليز الدبلوماسية، لكنه ظل ثابت الخطى، متمسكًا بعدالة قضيته التي لا يطالها شك.
اليوم، يبدو أن رياح التاريخ تميل نحو الحقيقة، المشروع الأمريكي الأخير الذي يقر بالحكم الذاتي كحل وحيد لإغلاق هذا الملف المزمن، ليس مجرد مبادرة سياسية عابرة، بل هو اعتراف دولي متنام بأن مقترح المغرب هو الأكثر واقعية ونضجا والأقرب إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
لقد أثبت الزمن أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب بروح مسؤولة وبعد نظر استراتيجي، كانت ولا تزال مرجعا لكل من يبحث عن حل منصف. لم تعد المسألة مجرد نزاع حدودي، بل أصبحت امتحانا حقيقيا لضمير العالم، واختبارا لقدرة المنتظم الدولي على تغليب منطق الشرعية والتاريخ على منطق الوهم والانفصال.
الدعم الدولي اليوم يصطف واحدا تلو الآخر في صف الحل المغربي. من واشنطن إلى مدريد، ومن باريس إلى عواصم إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تتنامى القناعة بأن لا مستقبل في الصحراء إلا في ظل سيادة المغرب ووحدته الترابية. وما زال العالم يراقب بشيء من الترقب والتفاؤل التصويت النهائي المرتقب، الذي قد يطوي صفحة من أكثر الملفات استعصاء في القارة الإفريقية.
وفي انتظار الحسم، يبقى الأمل المغربي متوقدًا كالشمس فوق الكثبان. ننتظر لكننا لا نتواكل، نؤمن أن العدالة مهما تأخرت لا تخطئ طريقها. لقد آن للأمم أن تعترف بما يعرفه التاريخ والجغرافيا منذ قرون: أن الصحراء مغربية وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ننتظر لحظة قد تكون فاصلة، لحظة نزع هذه الحجرة من حذاء المغرب، ليواصل مسيرته بثبات نحو التنمية والوحدة والريادة التي يستحقها. فالصحراء ليست نهاية الطريق، بل بدايته الجديدة.