محمد عزيز الوكيلي: النظام الجزائري لا ينتهي من اللعب.. لأنه لا يعرف غير اللعب!!

محمد عزيز الوكيلي: النظام الجزائري لا ينتهي من اللعب.. لأنه لا يعرف غير اللعب!! محمد عزيز الوكيلي
 
لم يعد يفصلنا عن الجلسة الحاسمة لمجلس الأمن، المخصصة لملف النزاع المفتعل بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية، سوى يومين وبضع الساعات، بينما الجو في الموراديا مكفهِرٌّ منذ نحو شهر بكل المقاييس، والهلع قد فعل فعله في نظام لا يستطيع العيش والاستمرار بدون ميليشيا البوليساريو، وبدون الملف المفبرك لهذا النزاع، ولذلك يُشاهده العالم برمته وهو يجعل من البوليساريو "علة وجوده"، ويعلق عليها شرفَه وعِرضَه ومصيرَه كنظام "عسكرولوجي"، يفكر بأحذيته الثقيلة بدلا من عقول كباره وعجزته، الساكنة في أدمغةٍ انهكتها ليالي العربدة، وأفقدَتْها صلاحيتَها جلساتُ "الكاس يدور"، بعد أن تَعَوَّد هؤلاء المعربدون على أن يجعلوا منها إطاراً عَبَثِياً لقراراتهم التي نادراً ما كانت تستقر بعد طلوع شمس اليوم الموالي!!
 
لقد أخذ الرعب منهم كل مأخذ، بعد أن تسربت النسخة "صِفر" من المسوَدّة التي صاغتها صاحبة القلم في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة الأمريكية، والتي ركّزت، بتعليمات مباشرة من "العم ترامب"، على اعتبار المقترَح المغربي للحكم الذاتي بمثابة الأرضية "الوحيدة" للمفاوضات الوشيكة بين المغرب والجزائر، والجزائر تصر على أن تضع تحت إبطها ميليشياتها الجنوبية، ولذلك نشطت دبلوماسية الموراديا باتجاه "الصديقة غير الموثوق بها"، روسيا، لمجرد إدخال تعديل يسيرٍ على المسودة الأمريكية، ليس لسحب تعبير "مقترح الحكم الذاتي"، وإنما، فقط لا غير، لسحب كلمة "الوحيد"، الواصفة لذلك المقترح، لا لشيء، سوى لمجرد ربح المزيد من الوقت قبل الرضوح للمقترح ذاته بكل تفاصيله، ربما لتمكين مكَوّنات ذلك النظام من ترتيب أمورها على صعيدين اثنين:
 
1- تدبير عملية الانفصال عن رحم البوليساريو، لأن الجزائر في ظل ذلك النظام هي التي صارت مرتبطة بحبل البولساريو السري، إذ أن البوليساريو هي التي صارت في الواقع الأم بالتبني للجزائر، وليس العكس، وهذا يطرح مصاعب جمة، من حيث وجوب نزع سلاح تلك الميليشيات ولكن، بعد أن تعودت على المال والدعم السياسي والدبلوماسي الجزائريَّيْن، وعلى السلاح الجزائري، وكذا على الإصرار الجزائري على جعل مصير هذه الجارة الشمطاء مرتبطا وثيق الارتباط بمصير الميليشيات ذاتها... وهذا أمر في غاية الصعوبة والامتناع، حتى لا أقول في غاية الاستحالة؛
 
2- تدبير تهريب ما تبقى من أموال "الغازودولار"، المنهوبة والمسروقة من مقدرات شعب الجزائر المسطول، و"المقلوبة عليه القفة"، لأن نظاما لصاًّ من ذلك النوع لا يستطيع ترك خزينة الدولة إلا فارغة بالمرة، وذلك من أجل أن يضطر الشعب هناك إلى الانشغال سنوات وسنوات بتعديل موازناته في مختلف القطاعات، بدلا من ان يسعى إلى متابعة اللصوص الفارين خارج الوطن الآيِل للسقوط... ولأجل ذلك بالذات، يحتاج لصوص الموراديا إلى "وقت إضافي" يمكّنهم من استكمال مخططات تأمين حاضر ومستقبل أبنائهم وأسرهم خارج الحدود!!
 
المصيبة، الآن، بالنسبة لنا نحن المغاربة، وليس بالنسبة لخصومنا، هي أن الملف إذا تمكنت الموراديا ومعها روسيا، أن تُدخِلا ذلك التعديل الطفيف على المسودة الأمريكية لقرار مجلس الأمن المرتقب، فسيظل في مكانه مفتوحاً كما ظلّ طيلة نصف قرن من الزمن المغربي، وهذا زمن فظيع في امتداده وتمططه بالنسبة لنا نحن المغاربة، لا بالنسبة لعساكر يمكن القول إنهم "لا يحملون ساعات في معاصمهم"، لأنهم بين السكرة والأخرى تختلط عندهم الأوقات والمواقيت والمواعيد بلا هوادة، ماداموا خاسرين في بداية المطاف ونهايته، وبالتالي فالفجر عندهم وجنون الليل سِيان!!
 
نهايته... بعد نحو ثمان وأ بعين ساعةً سينطق مجلس الأمن بقراره الذي قد يكون والحالة هذه شبيهاً بالقرارات السابقة، وإن كان سيختلف عنها ببعض الجزئيات الصغيرة، كذكره صراحة للمقترح المغربي للحكم الذاتي كمشروع يستحق الانطلاق منه، وليس "كحل وحيد لا ثاني له"، وكالتنصيص على تمديد صلاحيات المينورسو لمدة ثلاثة أشهر فحسب، من باب إبقاء الفأس مُشْرَعةً فوق رؤوس حكام الموراديا، حتى لا ينسوا أنهم في الاجتماع السنوي المقبل ينبغي أن يرضخوا للقرار في صيغته الأمريكية غير المعدلة... فهل ستكفي سنة أخرى من المماطلات لكي يتخلص النظام الجزائري من ميليشياته الجنوبية، فينزع سلاحها، ويسرّح المرتزقة المنضوين تحت لوائها ليعودا إلى أوطانهم، أو يدمجم في الجيش النظامي، حتى لا يبقى بتيندوف غير المواطنين المغاربة المحتجزين، الذين سيكون أمر عودتهم إلى وطنهم من أسهل المهمّات؟!
 
آخر الأخبار تفيد بأن الجزائر دعت عَبْر سفيرِها في الأمم المتحدة إلى جلسة استثنائية لمجلس الأمن، من أجل الضغط لإدخال التعديل السالف ذكره، وكذا لتمديد مهمة المينورسو لستة أشهر بدلاً من ثلاثة، مما يؤكد حالة الهلع التي يعيشها ذلك النظام وهو يرى آخر خيوط الأمل في تأبيد النزاع بدأ ينقطع أمام عينيه!!
 
والآن، هل ستكفي الستة أشهر أو السنة المقبلة، بطولها وعَرضها، لتحقيق هذا التحول الذي طال انتظاره أكثر من خمسين سنة؟.. ذاك هو السؤال!!!
 
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد