سعيد الكحل: رهان عدلاوة الخاسر على الاحتجاجات للانقلاب على النظام

سعيد الكحل: رهان عدلاوة الخاسر على الاحتجاجات للانقلاب على النظام سعيد الكحل

منذ سابع أكتوبر 2023، تاريخ إعلان إسرائيل الحرب على غزة بسبب "طوفان الأقصى"، تجند أعضاء الجماعة، عبر الهيئات التي أنشؤوها، لحشد المواطنين في تظاهرات ومسيرات ووقفات، ظاهرها دعم غزة ومساندة أهلها، بينما باطنها ضرب شرعية النظام الملكي والتحريض ضده، من جهة، ومن أخرى الإعداد النفسي والتنظيمي للفئات المتظاهرة لليوم الذي تتحول فيه إلى وقود "للقومة" التي تُعد لها الجماعة أعضاءها وتخطط لتحويلها إلى "ثورة" على خطى الثورة الخمينية. وقدر ركزت الجماعة أنشطتها على:

1 ـ التحريض الإيديولوجي لاستهداف رمزية الملك وأسس الحكم. وقد جندت الجماعة مواقعها وصفحات أعضائها الإلكترونية للتحريض ضد النظام ومؤسساته الدستورية. إذ تخصصت تلك المواقع والصفحات في تسفيه الدستور وابتذال المطالب المتعلقة بإقالة رئيس الحكومة. ومن العناصر التي تسكن تلك المواقع ولا تبرحها نجد حسن بناجح الذي لا يكف عن التسفيه والتحريض والتشهير. ومن ذلك استهدافه مباشرة لجلالة الملك في تدويناته التي يوجه بها أعضاء الجماعة داخل حركة جيل Z لتأجيجها، ومنها: "مركز الأزمة يستحيل أن يكون هو مركز حلها"، "التعديل الحكومي في المغرب: تبديل وجوه وبقاء الاستبداد"، " كلما اشتدت الأزمات، يُعلن عن “تعديل حكومي” يُقدَّم كخطوة إصلاحية أو استجابة لمطالب الشارع. لكن الواقع يكشف أن هذه التعديلات ليست سوى تجميل شكلي لنظام يحتكر القرار الحقيقي بيد المؤسسة الملكية، حيث تتركز كل السلطات التشريعية والتنفيذية والاستراتيجية". فالجماعة، عبر عضوها هذا، تحرض على رفع سقف المطالب إلى المطالبة بإسقاط النظام الذي، في أدبياتها ومشروعها، هو عقبة في وجه الإصلاح. وما لم ينتبه إليه أعضاء حركة z هو أن العقائد التي تتأسس عليها الجماعة تعتبر كل النظم السياسية: ملكية، جمهورية، هي نظم "جبرية وعضوضة"، وأن كل الدول مهما كانت ديمقراطية لا تخرج عن صنف "دولة السلطان" لأنها لا تحكم بشرع الله، مقابل "دولة القرآن" التي تدعو الجماعة وتعمل على إقامتها. 

2 ـ الحشد والتهييج  باسم غزة للمصلين بعد خروجهم من صلوات الجمعة (97 جمعة) وسماعهم لخطب الجمعة بالمساجد التي عادة يتولى الخطابة فيها منتمون أو موالون للإسلامويين، حيث يتولون الشحن العاطفي للمصلين وتهييجهم وشحنهم ضد مؤسسات الدولة لإيهامهم أن حل القضية الفلسطينية بيد الحكام العرب، وأن تخاذل الشعوب خيانة للقضية. هذا الخطاب التحريضي يسهّل على الجماعة حشد المصلين في مظاهرات تضامنية في ظاهرها، وتعبوية/تدريبية في جوهرها، لتشكيل كتلة بشرية استأنست التظاهر والاحتجاج وتخلصت من هواجس الخوف من الاحتشاد في الشوارع ورفع شعارات مناوئة لاختيارات الدولة (إسقاط التطبيع): منها "لا صحة لا تعليم.. وزايدينها بالتطبيع"؛ ليهاجم بنجاح مباشرة النظام والدولة ويقدمهما كشريكين في مجازر غزة: "التطبيع هو الحرب الثانية الأكثر قذارة على فلسطين التي ينبغي أن تتوقف"، "الإصرار على الاستمرار في التطبيع هو إصرار على الشراكة في سفك الدم واحتلال الأرض وانتهاك السيادة".

3 ـ اختراق حركة جيلz بهدف تحويلها إلى نواة "للقومة" بآفاق انقلابية وتكتيك تحريضي متدرّج ضد مؤسسات الدولة، حيث انتقلت المطالب من إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد إلى إسقاط أخنوش وحكومته وحل الأحزاب والبرلمان، ثم إسقاط المخزن ومؤسساته والدستور الجاري به العمل. وارتفع سقف المطالب/الأوهام إلى المطالبة بتغيير النظام الذي نعتوه بـ "الموروث عن القرون الوسطى".

إن الجماعة لا تخفي عداءها للنظام، بل تجاهر برفضها المطلق للحكم الملكي الوراثي. وظلت الجماعة تختلق الفرص، سواء عبر استفزاز الدولة (تصريحات نادية ياسين برغبتها في إقامة نظام جمهوري، الصلاة في الشواطئ، تحويل منازل عدد من قياداتها إلى مقرات غير مرخصة للتعبئة التنظيمية والاستقطاب، الاعتكاف أواخر رمضان في مساجد غير التي حددتها وزارة الأوقاف، تدوينات بعض أعضائها المسيئة للنظام..)؛ أو استغلال الحركات الاحتجاجية الفئوية (المتعاقدون، الممرضون، الأطباء..) والاجتماعية من أجل توفير الخدمات الاجتماعية ورفع التهميش، ثم تشكيل تحالف مع الخونة والعملاء واليسار المتطرف صاحب شعار "الضرب معا والسير على حدة" لتحويل حركةz إلى "ثورة" انقلابية لتغيير النظام. ولعل بيان الجماعة بتاريخ 1 أكتوبر 2025، المؤيد للحركة واضح في دعوته القوى السياسية إلى تشكيل تحالف ضد النظام: " نُهيب بكافة القوى الحية، من أحزاب وهيئات مدنية ونقابية، وعموم الأحرار في هذا البلد، إلى تحمّل مسؤولياتهم التاريخية، والخروج من موقع المتفرج، والانخراط الجاد في بناء بديل يليق بتضحيات هذا الشعب العظيم.. فإننا نعبر عن دعمنا لكل المطالب الشعبية العادلة، ونُجدد دعوتنا إلى تغيير حقيقي لا يُبقي الاستبداد، ولا يُقصي إرادة الشعب". ومن أجل مزيد من الحشد والتجييش للمخطط الانقلابي للجماعة وحلفائها الذي فشلت في تحقيقه يوم ركبت على حركة 20 فبراير، ينشط أعضاؤها في إعادة تدوير الترهات بقرب سقوط النظام الذي ظل يلوّكه مرشد الجماعة على مدى أربعة عقود: " كلما رأيت طغيانا يبلغ أقصى درجات الاستبداد والفساد ويستجمع أشد أدوات القهر، فتأكد أنه قد استنفد رصيد الوجود ليتجه نحو السقوط الذي يكون في الغالب سقوطا حرا مباغثا صادما". علما أن الاحتجاجات والمظاهرات، سواء تضامنا مع غزة أو من أجل الصحة والتعليم، تخرج إلى الشوارع بكل حرية وبشعارات تحريضية وانقلابية.

نجح شباب حركة 20 فبراير في سحب البساط من تحت أقدام عدلاوة، وها هم شباب حركة جيلz المتشبع بوطنيته ومغربيته يُفشل مخطط الجماعة ومعها نهجاوة وفلول الخونة وعملاء الكراغلة في تحويل الشباب إلى وقود وأدوات لتنفيذ المشروع الانقلابي للخوانجية وحلفائهم نهجاوة المدعوم من أعداء الوطن.