جلال كندالي: الحصانة والحصان

جلال كندالي: الحصانة والحصان جلال كندالي
الحصانة البرلمانية، في معناها النبيل، تعني أن ممثل الشعب الحقيقي يتمتع بالحماية القانونية الكاملة أثناء ممارسته لمهامه الرقابية والتشريعية.
لكن في الواقع، كثير من الذين يفترض أنهم يمثلون الأمة لا يحتاجون إلى الحصانة أصلا، لأنهم لا يتكلمون، ولا يسائلون، ولا يحركون ساكنا.
لقد حولوا الحصانة إلى "حصان"، يمتطونه بكل فخر واهتزاز... وابتزاز، بما في ذلك ابتزاز الدولة نفسها "عطيني نخضة ولا نمشي لأولاد احريز!"،و"غادين فدانية"، كما يقول أهلنا الطيبون في الشاوية، يركبون فوق القانون، ينهبون ممتلكات المواطنين، ويمتطون حاضرهم ومستقبلهم، يخربون الأرض ويعيثون فيها فسادا... طول وعرض.
وحين رفع شباب جيل زد شعار محاربة الفساد، وقبلهم رفعه المغاربة في ربوع المملكة عبر عشرات الآلاف من الوقفات الاحتجاجية، ظل الشعار حيا يتردد حتى داخل المؤسسات الدستورية نفسها. بل إن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، وعلى لسان رئيسها السابق محمد بشير الراشدي، أقرت بخطورته وعمقه، مؤكدة أن الفساد يكلف المغرب خمسين مليار درهم سنويا، مبلغ لا "يجمعه إلا الفم"... وليس أي فم، بل ذلك الفم المزين بابتسامة "هوليوود سمايل" كما يضعها الممثلون من النوعين.
ومع ذلك، بدل أن تبادر الحكومة إلى محاربته، وجدناه يخرج إلى الشارع شخصيا، متأنقا بجلباب أبيض وطربوش أحمر، يرقص أمام الكاميرات، يصرخ ويصرح للميكروفونات دون خوف أو استحياء... باسم الحصانة، والحصان، وكل ما يجر وراءه من أشياء وأسماء.....