فرنسا على صفيح ساخن.. إضرابات واسعة تشل البلاد وتحذيرات من انزلاق

فرنسا على صفيح ساخن.. إضرابات واسعة تشل البلاد وتحذيرات من انزلاق جانب من احتجاجات فرنسا ضد ساسية التقشف
دخلت فرنسا منذ مطلع أكتوبر 2025 في موجة جديدة من الإضرابات والمظاهرات شلت قطاعات النقل والصحة والتعليم والخدمات العامة، رفضاً لمشروع الميزانية الجديدة وسياسات التقشف التي تتبناها الحكومة، في أكبر حركة اجتماعية تشهدها البلاد منذ أزمة التقاعد عام 2023.
ووفق تقارير إعلامية، شهد يوم 2 أكتوبر 2025 شللاً شبه تام في باريس وعدة مدن كبرى بعدما نظمت نقابات كبرى مثل CGT وCFDT وFSU إضراباً وطنياً شمل أكثر من 200 مدينة وبلدة فرنسية، بمشاركة آلاف الموظفين والمعلمين وعمال الصحة والنقل.
تركزت المظاهرات في العاصمة انطلاقاً من ساحة إيطاليا باتجاه ساحة فوبان، بينما شهدت مدن مثل ليون ورين ونانت تجمعات كبيرة وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث نشرت السلطات أكثر من 80 ألف عنصر شرطة ودرك.
تسببت الإضرابات بتجميد عدد من القطاعات الهامة، وتعطلت خدمات المترو والقطارات الإقليمية، مع بقاء القطارات فائقة السرعة في الخدمة جزئياً، كما سُجلت إغلاقات واسعة في المدارس والمستشفيات والصيدليات وحدث نقص في الخدمات الصحية.
وشارك عمال قطاع الطاقة في الإضراب مما أثر على إنتاج الكهرباء وأدى لتقليص حاد في بعض المحطات.
وسجلت عدة اعتقالات خلال المظاهرات التي تخلل بعضها أحداث شغب في باريس وليون.
تعود شرارة الإضرابات إلى خطة التقشف، التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو وتهدف لتقليص الإنفاق بحوالي 44 مليار يورو على مدى عام، بينها خمسة مليارات في قطاع الصحة.
وتتضمن الخطة بنوداً مثيرة للجدل مثل إلغاء يومي عطلة رسمية وتقليص مخصصات التأمين الصحي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الأوساط النقابية والسياسية وتسبب في إسقاط حكومة بايرو الشهر الماضي.
وعلى الرغم من تعيين رئيس وزراء جديد (سيباستيان ليكورنو) ومحاولاته لتهدئة الغضب من خلال التراجع عن إلغاء العطل الرسمية وإطلاق حوار مع النقابات، إلا أن الإجراءات التقشفية لم تتغير في جوهرها، مما دفع النقابات للتصعيد وتوحيد صفوفها لأول مرة منذ زمن طويل.
ويطالب المحتجون بإلغاء مشروع الميزانية والعدول عن خطط خفض الإنفاق خصوصاً في الصحة والتعليم والخدمات العامة. وفرض ضرائب عادلة على الأثرياء بدل تحميل أعباء التقشف للطبقة العاملة والمتقاعدين. والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وعدم المساس بنظام العطل الرسمية والمعاشات. وزيادة الاستثمار في الخدمات العمومية ودعم ذوي الدخل المحدود.
ورغم المشاركة الواسعة، تشير أرقام الداخلية الفرنسية لتراجع طفيف في عدد المتظاهرين مقارنة بإضرابات سبتمبر، غير أن الغضب الشعبي لا يزال في ذروته، خاصة مع اتساع رقعة التنسيق النقابي وتلميحات لتكرار الإضرابات في ظل تعنت الحكومة وعدم تقديم تنازلات ملموسة.
وبات الشارع الفرنسي اليوم أكثر احتقاناً بفعل التضخم وغلاء المعيشة وتراجع الثقة في قدرة الطبقة السياسية على حماية مصالحه الاجتماعية.