لقد أخفقنا في بناء إنسانٍ صالح، متصالح مع ذاته ووطنه، مؤمن بقيم المواطنة والعيش المشترك. فخرج لنا جيلٌ يصرخ بوسائل مدمّرة لا بنّاءة. وإن ما يحدث اليوم ليس قدراً مفروضاً، بل هو ثمرة مباشرة لمسؤولية مشتركة تتحملها كل المؤسسات، وفي مقدمتها الدولة.
فأين المدرسة من رسالتها التربوية في غرس القيم قبل تلقين المعارف؟ وأين الإعلام، وهو السلطة الرابعة، من دوره في حفظ التوازن المجتمعي ونشر الوعي وتعزيز روح المواطنة؟ وأين مؤسسات الشباب، التي كان يفترض أن تحتضن الطاقات وتواكب طموحات الجيل الجديد؟ وأين دور الثقافة، بمؤسساتها وروافدها، في صقل الحس الجمالي والروحي للطفل والناشئة؟ وأين الأسرة، وهي النواة الأولى للتنشئة؟
إن ما نراه اليوم في شوارع المغرب ليس سوى وجه آخر لغضب ظل يتسرّب في صمت: عبر الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وعبر العنف الذي ملأ الملاعب، وعبر السرقة و”الكرساج” في الأزقة. وها هو اليوم ينفجر في مواجهة مباشرة مع الدولة ذاتها.
إنه جرس إنذار مدوٍّ: ما نعيشه اليوم ليس إلا حصاد الأمس، ونتاج تربيةٍ مهزوزة وتقاعس مؤسساتي ممتد. واللحظة تفرض علينا أولاً وقبل كل شيء إعادة بناء الإنسان، لأنه حجر الزاوية لأي مشروع إصلاحي حقيقي. عائشة اشفيعي من جيل Z