محمد عطيف: ثمن الإستقرار

محمد عطيف: ثمن الإستقرار
نتحدث كثيرا عن الإستقرار الذي تنعم به بلادنا من وجهة نظر العديد منا، وهو استقرار يحرص جميع المغاربة على المحافظة عليه، رغم ما يتهدده من مخاطر وما يواجهه من تحديات داخلية وخارجية.

إلا أن ما لا نستحضره في الموضوع هو أن للإستقرار ثمن يجب تأديته، بحيث نلاحظ مثلا أن في الدول الديمقراطية والمتقدمة تكون الحكومات هي المسؤولة دائما عن دفع ثمن هذا الإستقرار من خلال سياساتها الإقتصادية والإجتماعية، والتي تكون قد انتخبت من أجل تنفيذها، وبالتالي تكون معرضة للمحاسبة إذا ما أخلت بها.

أما في بلادنا حيث يكثر الحديث عن الإستقرار حد المبالغة، فإن السؤال الذي يجب أن يطرح والذي يجب أن نفكر فيه جميعا، دولة ومجتمعا هو : من يدفع ثمن هذا الإستقرار على هشاشته ؟

بالتأكيد ليست الحكومة ، لا الحالية و لا الحكومات التي سبقتها ، والتي لم تعمل إلا على خلق أسباب التوثر الإجتماعي من خلال سياساتها التي أنتجت الفقر  والتهميش وضعف الخدمات الإجتماعية الضرورية  وعدم توفير شروط العيش الكريم لكافة المواطنات والمواطنين، هذا دون أن نتحدث عن باقي الشروط التي تعتبر أساسية في عالم اليوم من توفير للحرية و العدالة و الكرامة و الديمقراطية.

و بالمقابل فإن هذه السياسة خلقت تفاوتا خطيرا بين طبقة من الأثرياء الذين إغتنى بعضهم بطرق غير مشروعة،  مستفيدا من امتيازات عديدة، وبين عموم الشعب الذي يعيش الحرمان، وهو واقع يعرفه الجميع  وكرسه سلوك المسؤولين المبني على عدم تطبيق الدستور والقوانين التي تتعلق بالمساءلة والمراقبة  والمحاسبة.

لذلك فإن الشعب المغربي، وعلى الخصوص الفئات المحرومة والمتوسطة الدخل منه، هو الذي يؤدي ثمن هذا الإستقرار من خلال عدة مؤشرات أكتفي بواحد منها، وهو مسألة التكافل الإجتماعي، حيث نجد أن العامل البسيط والموظف والتاجر الصغير أو المتوسط  وأصحاب بعض المهن الحرة،  هو الذي يؤدي ثمن هذا الإستقرار من خلال التكفل بأفراد من عائلته الصغيرة والكبيرة، وغالبا ما يكون ذلك على حساب حاجياته الضرورية وحاجيات عائلته الصغيرة.