يبدو أن بنكيران يجد متعة في مخاطبة الشعب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وميكروفونات المواقع الإلكترونية. لم يتضمن خطابه يوماً أرقاماً حقيقية توضح إنجازاته ـ إن كانت هناك إنجازات أصلاً ـ كما لم يعتمد على المؤشرات الدولية التي صنّفت المغرب في ذيل الترتيب في الصحة والتعليم وباقي الخدمات الاجتماعية. ما يُحسنه هو الخطاب الشعبوي الذي يَدغدغ المشاعر أحياناً، لكنه سرعان ما ينكشف على حقيقته.
عبارته في نعت خصومه بـ"النكافات" تُبرز بجلاء انحطاط خطابه إلى أدنى مستوياته، خاصة في ظل خروج جيل من الشباب للاحتجاج على أوضاع اقتصادية وسياسية واجتماعية كان حزبه، حين دبر الشأن العام لعقد من الزمن، هو مهندسها. ليخرج اليوم ويقول: فينكم أ النكافات، ها الاحتجاجات، وقّفوها، متناسياً أنه هو من صرّح مراراً بأن الدولة يجب أن ترفع يدها عن التعليم والصحة لتسلمهما على طبق من ذهب لجشع المصحات الخاصة والمدارس الخصوصية. وهو من يفتخر بكونه حرر أسعار المحروقات ورفع ثمن قنينات الغاز، قبل أن يضيف بنبرة تحدٍّ: إيوا ضربوني بالطماطم.
وإذا كان التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة كمأساة ومرة كملهاة، وإذا كان حراك 20 فبراير هو الذي أوصله إلى السلطة، فإن المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين. لذلك فإن أكاذيب بنكيران اللامتناهية لن تثني الشعب المغربي عن المطالبة بكافة الحقوق التي يكفلها الدستور، وعن وطن يتسع لجميع أبنائه، لا مكان فيه للمتملقين ولا للذئاب الملتحية.