المال العام بين الاتهامات والصلح الغامض.. لغز عودة نائب رئيس مقاطعة سيدي البرنوصي

المال العام بين الاتهامات والصلح الغامض.. لغز عودة نائب رئيس مقاطعة سيدي البرنوصي عصام الكمري النائب الأول لرئيس مقاطعة البرنوصي وفي الإطار باشا سيدي البرنوصي يتوسط رئيس مقاطعة البرنوصي ونائبه الأول (يسار الصورة)
شهدت أشغال الدورة العادية لمجلس مقاطعة سيدي البرنوصي، التي انعقدت يوم الجمعة 19 شتنبر 2025 بقاعة العروض بالمركب الإداري، واقعة مثيرة لم يأت عليها البلاغ الرسمي الصادر عن الصفحة الرسمية للمجلس، رغم أهميتها في نظر الرأي العام المحلي.
 
الصور التي وثقت الجلسة أظهرت عصام الكمري؛ النائب الأول للرئيس جالسا في المنصة إلى جانب الرئيس والباشا، في حين لم يرد أي ذكر له  في التغطية الرسمية ولا في كلمات الشكر المعتادة التي وجهت، ولا كلمة ناقص واحد كما اعتاد عليها القراء. هذا التجاهل زاد من حجم التساؤلات، خاصة أن هذا النائب لم يكن قبل فترة بعيدة إلا الصوت الأكثر صخبا في مواجهة الرئيس، متهما إياه مباشرة بالفساد وسوء التدبير، وعارضا تسجيلات مطولة وأخرى قصيرة، يوضح فيها للرأي العام ما اعتبرها خروقات خطيرة في تدبير المال العام.
 
اليوم، وبعد سنوات من التصريحات النارية والاتهامات المباشرة، يجد المتتبع نفسه أمام مشهد مناقض تماما: نائب الرئيس يجلس إلى جانب من اتهمهم، دون أي بيان يوضح للرأي العام كيف تم تجاوز تلك الاتهامات، وهل تمت بالفعل معالجة ما كان يعتبر فسادا وخروقات، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مصالحة سياسية غامضة جرت في الكواليس؟.
 
الساكنة، التي عاشت على وقع هذه الاتهامات واعتبرتها دفاعا عن مصالحها وأموالها، تجد نفسها اليوم أمام أسئلة مشروعة:
ما مصير ملفات الفساد التي كان النائب الأول يلوح بها في خرجاته المتكررة؟
هل تمت مراجعة الاختلالات التي تحدث عنها، أم أن الصلح جاء على حساب حق الساكنة في معرفة الحقيقة؟
وما المقابل الذي قاد إلى هذا “التغير المفاجئ” الذي أعاد النائب إلى الصف الأول إلى جانب الرئيس؟
 
المال العام الذي كان موضوع كل تلك التسجيلات والخطابات ليس تفصيلا عابرا، بل حق للمواطنين في أن يعرفوا أين ذهبت الاتهامات وأين انتهى مسلسل المواجهة. وإن كان التصالح قد تم، فمرحبا به إذا كان قائما على معالجة الخروقات وتصحيح الأخطاء، أما إذا كان مجرد“جبر خواطر” أو إعادة تموقع سياسي في صمت، فإن الغموض الذي يلفه لن يزيد إلا من حدة الشكوك.

الساكنة لا تطلب الكثير، فقط جوابا صريحا: هل كان الفساد حقيقة أم مجرد ورقة ضغط؟