في بيان ناري موجه إلى الرأي العام، صعدت الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية من لهجتها تجاه حكومة عزيز أخنوش، متهمة إياها بالتمييز الممنهج والإقصاء المتعمد ضد فئة تعتبر نفسها "العمود الفقري للتنمية المحلية". البيان، الذي حمل نبرة احتجاجية حادة، يسلط الضوء على ما وصفه بـ"الواقع المزري" الذي يعيشه موظفو الجماعات الترابية في المغرب، لا سيما في ظل ما يراه هؤلاء تهميشاً مستمراً من قبل الدولة، ممثلة في وزارة الداخلية، ولامبالاة من قبل النقابات المركزية.
اتهم البيان حكومة أخنوش، وكذا حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يتزعمه رئيس الحكومة، بممارسة سياسات "تمييزية وعنصرية" ضد موظفي الجماعات الترابية. واعتبر أن هذه الفئة تعاني من "حكرة ممنهجة"، رغم دورها الحيوي في تنفيذ المشاريع التنموية على المستوى المحلي والجهوي.
ورغم توقيع بروتوكول اتفاق سنة 2019 بين النقابات والحكومة يقضي بمأسسة الحوار القطاعي، يشير البيان إلى أن هذا الاتفاق ظل حبراً على ورق، وسط ما وصفه بـ"المماطلة والتسويف وغياب الإرادة السياسية الحقيقية".
ويرى الموقعون على البيان أن موظفي الجماعات الترابية يضطلعون بمهام متعددة تتقاطع مع اختصاصات عدة وزارات، من التخطيط والتعمير إلى الجبايات وتدبير الأزمات، غير أنهم لا يحظون بالاعتراف المؤسساتي ولا بالتحفيزات التي توازي طبيعة عملهم.
"أليس من العار أن يقوم الموظف الجماعي بمهام وزارات كاملة، بينما يعامل كموظف من الدرجة الثالثة؟"، يتساءل البيان، في إشارة إلى ما يعتبره ازدواجية في المعايير الحكومية إزاء موظفي مختلف القطاعات.
وطالبت الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية بفتح حوار مركزي وفوري مع الهيئات النقابية والحقوقية لمعالجة "الاختلالات البنيوية" التي يعاني منها القطاع.
كما دعت إلى إنشاء وزارة أو كتابة دولة خاصة بالجماعات الترابية والتنمية المحلية، يقودها مسؤول متفرغ بكفاءات حقيقية وميزانية كافية، معتبرة ذلك خطوة ضرورية لإعادة الاعتبار للعمل المحلي وتعزيز مبدأ الجهوية الموسعة.
ومن بين المطالب التي اشهرها البيان، تحسين الأجور والظروف المهنية، وقف التدخلات السياسية في أداء الموظفين الجماعيين، وتمكينهم من الاستقلالية الإدارية والتنفيذية، علاوة على تسوية الملفات الإدارية والمالية العالقة، وتعديل ما وصفته الجمعية بـ"نظام المآسي"، الذي اعتُمد في يونيو 2025 "بشكل مشبوه وقسري"، حسب تعبيربلاغ الجمعية.
لم تسلم النقابات المركزية (UMT، UGTM، CDT) من انتقادات البيان، إذ اتهمتها الجمعية بـ"التواطؤ" و"التخلي المتعمد" عن قضايا موظفي الجماعات الترابية، في إطار الحوار الاجتماعي الجاري مع الحكومة. واعتبرت أن تلك النقابات لم تعد تمثل هموم الشغيلة الجماعية، داعية إلى إعادة النظر في تمثيليتها القانونية.
وحذرت الجمعية من مغبة استمرار هذا التهميش، معتبرة أنه يهدد السلم الاجتماعي ويقوّض فرص التنمية المحلية. وأكدت أن "مطالب الشغيلة ليست ترفاً، بل ضرورة وطنية"، مطالبة الدولة بتحمل مسؤولياتها قبل أن تنفجر الأوضاع الاجتماعية في هذا القطاع الحيوي.