في سياق يعيد طرح أسئلة التنمية والتمثيل السياسي والاجتماعي، تعود فلسفة الكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار إلى الواجهة، ليس بوصفها خطابًا نسويًا صرفًا، بل كرؤية عميقة لفهم العلاقة بين المركز والهامش، بين الفاعل والمُقصى. فقد استطاعت دو بوفوار، عبر كتاباتها، أن تكشف عن بنية القهر المتغلغلة في العلاقات الإنسانية، خصوصًا بين الرجل والمرأة، وبين المثقف ، ومن هم على هامش الفعل الثقافي والسياسي.: الحاشية السفلى.
سيمون دو بوفوار و"الطريق الرابع": عندما يصبح الهامش فاعلًا
في المغرب، يبدو أن هذا الوعي يجد صداه في مفاهيم مثل "الحاشية السفلى" و"الطريق الرابع"؛ مفاهيم لا تعبّر فقط عن الفئات المهمشة أو المناطق المنسية، بل عن رؤية جديدة تنبع من الداخل، من قلب الهامش، لتعيد مساءلة المنظومة السياسية والتنموية السائدة.
"الحاشية السفلى" ليست مجرد توصيف جغرافي لقرى نائية أو أحياء شعبية، بل استعارة قوية عن مواطنين تم إقصاؤهم من مشروع بناء الدولة الحديثة. شباب عاطلون، أسر بدون صوت، وفاعلون محليون لا يُعترف بقدرتهم على التأثير. هؤلاء لا يعيشون فقط على هامش الخريطة، بل على هامش القرار أيضًا.
من دو بوفوار إلى "الحاشية السفلى": :الطريق الرابع" كفلسفة تحرر
من هذا الواقع، ينشأ "الطريق الرابع"، ليس كمجرد خيار سياسي، ولا كامتداد لمعادلات اليمين واليسار، بل كتجربة بديلة تنطلق من القاعدة، من الناس أنفسهم. طريق يؤمن بأن التغيير لا يجب أن يُفرض من فوق، بل أن ينبثق من التفاعل اليومي، من التجارب المحلية، ومن الإيمان بأن لكل فرد قدرة على الإسهام في صناعة المستقبل.
الكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار
"الطريق الرابع" بوحي من دو بوفوار: رفض الإقصاء من الهامش إلى التغيير
الطريق الرابع" هو فعل فلسفي أيضًا. إنه، كما تقول دو بوفوار:" "رفض للقدر الاجتماعي المفروض". هو مقاومة صامتة للإقصاء التنموي، وانتفاضة رمزية ضد صورة "المواطن المتفرج" على التحولات الوطنية من موقع التهميش.
دو بوفوار في "الحاشية السفلى": "الطريق الرابع" ومسار التمرد الصامت
ليست العلاقة بين فكر دو بوفوار وهذه الرؤية علاقة زمن أو مرجعية، بل علاقة موقف. كلاهما ينتصر للهامش، ويطالب بإعادة الاعتبار له كفاعل لا كمفعول به. وكما أعادت دو بوفوار تعريف المرأة كفاعل تاريخي، يسعى أنصار الطريق الرابع إلى إعادة تعريف المواطن المهمش كقوة تغيير قادرة على كسر نماذج الهيمنة السياسية والاجتماعية.
سيمون دو بوفوار و"الطريق الرابع": دعوة لفهم الذات خارج الهيمنة
إنه مسار ديمقراطي، أفقي، وتشاركي، يرفض الزعامات التقليدية، ويفتح المجال لبناء مشروع وطني شامل، من القاعدة إلى القمة. فـ"الطريق الرابع" ليس مجرد دعوة إلى الإنصاف، بل نداء لإعادة السياسة إلى موقعها الطبيعي: خدمة الناس، كل الناس.
المصطفى المريزق، مؤسس الطريق الرابع