مصطفى الطالب ينتقد المهرجانات.. دعم الابتذال إهدار للمال العام وتشويه للذوق

مصطفى الطالب ينتقد المهرجانات.. دعم الابتذال إهدار للمال العام وتشويه للذوق الناقد السينمائي، مصطفى الطالب
تحوّلت المهرجانات الفنية الممولة من المال العام (وزارة ، مجالس جماعية..)، إلى منصات تستقطب أسماء بارزة من الساحة الفنية، بعضها يحظى بقبول واسع لدى الشباب، وبعضها يثير موجات من الانتقادات بسبب مضمون الأغاني أو السلوك داخل وخارج خشبة المسرح. ومن بين هذه الأسماء، يبرز الجدل حول استضافة فنانين مثل طوطو، الذين يقدمون أغاني توصف من طرف جزء من الجمهور والنقاد بأنها مبتذلة أو مليئة بالرسائل السلبية.

وفيما يرى البعض أن الفنانين المثيرين للجدل يعكسون، في جزء من أعمالهم، هموم جيل يشعر بالتهميش، ويبحث عن متنفس للتعبير بلغته الخاصة، يرى أخرون أنه من غير المقبول أن تُصرف ملايين الدراهم على حفلات تروج لأغانٍ مليئة بالألفاظ النابية والرسائل السطحية، في وقت تعاني فيه قطاعات أساسية كالصحة والتعليم من خصاص حاد ومن المفروض تحويل هذه الأموال لتأهيلها.

مصطفى الطالب، الناقد الفني والسينمائي، أكد في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" على أن للمهرجانات الفنية أدوارا فنية واجتماعية وترفيهية وتنموية في المجتمع خاصة عندما تكون تلك المهرجانات في مستوى تطلعات المواطن تنظيما ومضمونا، وتتماشى مع روح الدستور المغربي الذي حفز الشباب على الإبداع ودعمه، وأيضا عندما تكون مقننة من طرف الوزارة الوصية ومن طرف المجالس الجماعية والإقليمية، والجهوية التي تخصص جزءا كبيرا من ميزانيتها لتلك المهرجانات التي تكلف ما يفوق 50 مليار سنتيم من خزينتها وخزينة الدولة، فضلا عن أن هذه المهرجانات تتزايد سنويا. خاصة في الآونة الأخيرة، وفي هذا الصدد فالمغرب يعد من البلدان الاولى في العالم من حيث المهرجانات.

وزاد المتحدث ذاته قائلا:" طبعا كل سنة خاصة في فصل الصيف الذي تكثر فيه "مهرجانات الشواطئ"، تثير هذه المهرجانات حفيظة المواطنين لعدة أسباب:

1- من الناحية الفنية: لم تعد هذه المهرجانات تقدم الجديد او تطرح قضايا اجتماعية جادة، فغالبيتها تكرر نفسها، بنفس الوجوه وبنفس الرداءة أحيانا، خاصة تلك المهرجانات التي تستقطب الشباب خاصة عندما يكون اللون الفني هو الراب الذي أضفت عليه القناة الثانية شرعية إعلامية عندما خصصت له برنامجا كاملا واستدعت له بعض الوجوه الفنية التي أثارت استياء في المجتمع بسلوكها اللاجتماعي وغنائها الساقط. أكيد أن الراب لون غنائي شبابي مهم لكن عندما يعبر عن المعاناة وعن إبداع جاد بقضايا حقيقية وليس بتمرد مراهقين.

2- من الناحية الاجتماعية: لاشك أن للمهرجانات دور ترفيهي في المجتمع وهذا شيء طبيعي، لكن الترفيه لايعني أن يكون المهرجان خاليا من أي محتوى ثقافي أو فني يرفع من ذوق المتفرج كما نرى في العديد من المهرجانات. إضافة إلى أن هذه المهرجانات غالبا ما تشهد سولوكات منحرفة من طرف الشباب سواء اعتداءات جسدية او فوضى او مخدرات واحيانا اغتصابات كما رأينا في الواقع، مما يفقد هذه المهرجانات الاهداف المتوخاة منها. وقد رأينا في بعض المهرجانات تدخل السلطة من اجل ضبط الامن وتصرفات بعض الشباب الطائش.

3- من الناحية المالية: يجب الاعتراف أن تنظيم المهرجانات مكلف جدا مما يمثل عبئا على الميزانية العامة وعلى سير المجالس المحلية بنفسها التي لها اولويات اخرى والتي تعاني احيانا مدنها أو قراها من ضعف البنية التحتية، سيما وان المواطن اليوم يعيش ظروفا اقتصادية صعبة تتمثل في غلاء المعيشة بصفة عامة، مما يجعله يتساءل عن جدوى هذه المهرجانات التي تهدر فيها اموال طائلة ممكن ان تعود إيجابا على الساكنة أو على توظيف الشباب.
هذا فضلا عن ان بعض المهرجانات تكون لها آثارا سلبية على البيئة وتؤدي إلى أضرار بالموارد الطبيعية مما يعني تكلفة مادية اخرى للمجالس المحلية. وهذا قد يكون حاجزا أمام التنمية المستدامة التي تصبو إليها الدولة. مما يعرض تلك المجالس للمحاسبة بخصوص المال العام".
وشدد مصطفى الطالب على ضرورة تقنين هذه المهرجانات على جميع المستويات التنظيمية والاجتماعية والمالية والسياحية،زقال في هذا الصدد:" إذا أردنا أن نربح هذا الرهان، فعلى المستوى الفني فهذه المهرجانات (ومن ينظمها) مطالب بتقديم ما هو جاد، ومن يؤمن بالرسالة الفنية داخل المجتمع وليس العكس، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العالم والتي تتطلب شبابا واع وله إحساس بالمسؤولية اتجاه المجتمع، سيما عندما يتعلق الأمر بالإبداع الفني".