في بثّ مباشر على صفحة الحزب الاشتراكي الموحد بوجدة بالفيسبوك، أدلى شكيب سبايبي، عضو مجلس جماعة وجدة بمعطيات خطيرة تتعلق بإقدام نائب رئيس جماعة وجدة على توقيع عقد التحكيم مع الشركة الموكول لها تدبير النقل الحضري بالمدينة. وبموجب هذا التوقيع، تستفيد الشركة من مبلغ 3 مليارات سنتيم من مالية الجماعة، أي من جيوب دافعي الضرائب من ساكنة مدينة الألفية، التي تفتقر إلى أبسط شروط العيش الكريم؛ لا بنية تحتية، ولا إنارة عمومية، وطرقات كارثية في كل المحاور والأزقة، تعكس مظاهر البداوة والتهميش.
وحسب المتحدث، فإن نائب الرئيس ما كان ليُقدِم على توقيع عقد بهذه الخطورة لولا وعيه الكامل بالصلاحيات المخوّلة له عبر التفويضات، التي شبّهها بـ"الدجاجة التي تبيض ذهبًا وتسيل لعاب محترفي الانتخابات". والدليل على خطورة هذا التوقيع أن رئيس الجماعة نفسه خسر دعواه القضائية التي تقدم بها للطعن في هذا الإجراء، أمام المحكمة الإدارية.
هذا التوقيع يطرح العديد من التساؤلات حول العبث الذي أصبح قاعدة في تسيير جماعة وجدة، حيث لم يكن الرئيس ولا المستشارون على علم بهذه الخطوة، وحتى لجنة التتبع المفترض بها مراقبة التزام الشركة بدفتر التحملات، يبدو أنها خارج كل الحسابات.
الأدهى، حسب نفس المصدر، أن التوقيع تمّ أثناء أداء والي جهة الشرق لمناسك الحج، في غياب تام للمراقبة. ويأتي هذا في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بترشيد النفقات العمومية وتعزيز الحكامة في تدبير الشأن الترابي، خاصة في ظل تجاوزات شركة النقل الحضري، التي لم تكتف بتجاهل حقوق العمال، بل شرّدت عددًا منهم، وحرمتهم من أجورهم لأكثر من ثلاثة أشهر، وامتنعت عن تنفيذ أحكام قضائية نهائية صادرة باسم جلالة الملك.
ورغم كل هذه التجاوزات، وقّع من كان من المفروض أن يُدافع عن مصالح الساكنة على وثيقة تستند إلى مبدأ "المال السائب يعلّم السرقة"، في تجاهل تام لمعاناة المواطنين مع خدمات النقل الحضري، وبلوغ الاحتقان الاجتماعي مستويات غير مسبوقة، خاصة بعد الإضراب المفتوح الذي تجاوز الأربعين يومًا.
وقد اتُّهم النائب المذكور بالتعنت ورفض إدراج نقطة النقل الحضري في جدول أعمال دورة عادية أو استثنائية للمجلس، ما مكنه من الاستفراد بالملف والتصرف فيه حسب أهوائه.
ربط المسؤولية بالمحاسبة، يقتضي اليوم إحالة تقرير المجلس الجهوي للحسابات إلى أنظار النيابة العامة، وترتيب الجزاءات القانونية في حق كل من قصّر أو تورط في سوء تدبير هذا الملف، سواء من المنتخبين أو غيرهم.
فمدينة الألفية ليست أقل شأنًا من مدينة فاس، التي اتخذ عمدتها قرارًا جريئًا بفسخ العقد مع نفس الشركة، مراعيًا بذلك مصلحة الساكنة، في حين أن منتخبي وجدة اختاروا الصمت أو التواطؤ.
فإلى متى سيستمر استنزاف المال العام، والضحك على الذقون؟