أزمة التعمير بالمغرب.. بين بيروقراطية مقيتة وحاجة لإصلاح شامل

أزمة التعمير بالمغرب.. بين بيروقراطية مقيتة وحاجة لإصلاح شامل رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتوسط وزيرة التعمير المنصوري ووزير الداخلية لفتيت
يواجه قطاع التعمير في المغرب وضعية معقدة تتسم ببيروقراطية ثقيلة تعيق الدينامية الاستثمارية وتفرمل طموحات المنعشين العقاريين. فعلى الرغم من تعدد المبادرات والإصلاحات التي استهدفت تبسيط مساطر الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص، إلا أن الواقع على مستوى تدبير ملفات التعمير يكشف عن استمرار منطق الإدارة الجامدة والمساطر المعقدة من جانب أقسام التعمير التابعين للداخلية والوكالات الحضرية.
 
إن ما نلاحظه اليوم من انزلاقات وتوترات بين المنعشين العقاريين وبعض الإداريين ليس سوى نتيجة مباشرة لهذا الوضع المختل. فالمنعش العقاري، الذي يتحمل أعباء مالية وتقنية ضخمة لإنجاز مشاريع كبرى، يجد نفسه في مواجهة عراقيل إدارية لا مبرر لها، تدفعه أحياناً إلى البحث عن طرق غير رسمية لتجاوزها، مما يخلق بيئة خصبة للخروقات والممارسات غير القانونية.
 
لقد أصبح من الضروري، بل والملحّ، إعادة النظر في البنية المؤسساتية والمنظومة القانونية التي تحكم قطاع التعمير. فالمغرب في حاجة ماسة إلى رؤية جديدة تعتمد على تبسيط المساطر، رقمنة الخدمات، وتكريس الشفافية في الولوج إلى المعلومات والتراخيص ( موقع رخص اصبح متجاوز). إن تطوير منصة رقمية موحدة للتراخيص، مرفوقة بآجال قانونية مضبوطة لمعالجة الملفات، من شأنه أن يقطع مع الممارسات البيروقراطية البالية ويمنح المنعشين العقاريين الثقة اللازمة للاستثمار بشكل فعّال.
 
التحدي اليوم لا يكمن فقط في تحسين النصوص القانونية، بل في إعادة هندسة شاملة للمساطر والمسؤوليات داخل الإدارة، مع تحديد واضح للأدوار والالتزامات، وتفعيل آليات المحاسبة والمراقبة الفعلية. فالمستثمر في قطاع العقار بحاجة إلى بيئة إدارية مرنة، واضحة، وفعّالة، تواكب رهانات التنمية الحضرية وتدعم الدينامية الاقتصادية للمملكة.