كان لابد من العودة لهذا الخطاب ، والعودة للوثيقة الدستورية ، ومدينة وزان تستيقظ هذه الأيام على وجوه جديدة لمواطنين كل شيئ فيهم يفيد بأنهم غرباء ، " توافدوا" على دروب دار الضمانة وشوارعها ، و بدأوا يخيطونها تحت لسعات لهيب الشمس الحارقة .... ثيابهم رثة، أبدانهم متسخة و تنفث روائح كريهة ...يفترشون الإسمنت، ويتوسدون عتبات المنازل والمتاجر ... منهم من يضايق رواد المقاهي والنساء والأطفال بالفضاءات العامة ...ومنهم من يعتدي لفضيا وماديا على كل هارب(ة) من البيت من أجل الظفر بقليل من الحق بالتمتع مما توفره الفضاءات العمومية من أوكسجين وهبات نسيم بارد في فترة القيض ....( وهل تتوفر هذه الفضاءات أصلا)؟
إنهم أشخاص يعانون من أمراض عقلية ، الذين بدل أن يُعلن كل المتدخلين الاستنفار في قطاعاتهم ، من أجل تفعيل ما جاء في خطاب الملك محمد السادس " صون كرامة المغاربة (هذه الفئة منهم)وحقوقهم ، في إطار المساواة وسمو القانون" ، والالتزام في التعاطي مع حقوق هؤلاء المواطنين بما جاء في الفصل 31 من الدستور ذاته " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين ، على قدم المساواة من الحق في : العلاج والعناية الصحية ...."
سيل من الأسئلة تطرح نفسها وتستدعي فتح تحقيق ينتهي بالكشف عن تفاصيل ما حدث ، خصوصا وأنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ما حدث هذه الأيام! كيف تمكن هذا العدد من الأشخاص التوافد على مدينة وزان دفعة واحدة وفي نفس الحيز الزمني ؟ هل للأمر علاقة بالصدفة ، أم يتعلق بعملية ترحيل محبوكة خيوطها ومن فعل بشر من دم ولحم ….؟ من أي مدينة/منطقة قدِم أو تم استقدام هؤلاء المواطنين ؟ وما هي الخطوات التي ينوي عامل الإقليم القيام به لصون كرامتهم ؟ وأين مجلس جماعة وزان الذي بقوة القانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات عليه " اتخاذ التدابير الخاصة لضمان السكينة العمومية خصوصا في المحلات العمومية ..."(المادة 100) ، لأن هذه الفئة من الأشخاص الذين يعانون من الأمراض العقلية ، "تأثيث" الكثير منهم للفضاء العمومي ، يترتب عنه تعريض السلامة البدنية لباقي مرتفقات ومرتفقي هذه الفضاءات العمومية لمخاطر كثيرة ( العنف بكل أشكاله) ؟
وفي انتظار الكشف عن تفاصيل هذه القضية الحقوقية بامتياز ، التي تتعرض فيها كرامة أشخاص لانتهاك صارخ ، فإن المسؤولية ملقاة على كاهل المتدخلين الذين يوجدون في احتكاك مباشر بالموضوع ، من أجل التعجيل بالتدخل لتوفير العلاج لهؤلاء ، وربط الاتصال بأسرهم متى كان ذلك ممكنا ، من أجل اعادتهم لمناطق اقامتهم ، بدل تركهم مشردين بشوارع وزان يواجهون المجهول ! أما جمعيات المجتمع المدني والمؤسسة الحقوقية الوطنية من خلال آليتها الجهوية ،والمندوبية الجهوية لمؤسسة الوسيط التي في اعتقادنا معنية بالموضوع من مدخل ولوج المرتفق(ة) للفضاء العام ( مرفق عمومي ) المحفوف بالمخاطر ، مطالبين بتفعيل الادوار الدستورية المحددة لكل فاعل. وبه وجب الاعلام والسلام .