لا تزال قضية الشرفة الأطلسية بالعرائش تثير الكثير من الجدل، فقد عادت التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب إلى الحديث عن هذه القضية من باب التطورات الأخيرة التي عرفتها هذه القضية، وخاصة الجانب المتعلق باللقاء الذي عقده عامل إقليم العرائش مع المجتمع المدني والذي خلص إلى عدة مخرجات. وفيما يلي البلاغ الذي أصدرته التنسيقية المحلية لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب.
"بعد الوقفة الاحتجاجية الحاشدة التي نظمتها ساكنة العرائش سوم السبت 19 يوليوز 2025 ، احتجاجا على مشروع إعادة تهيئة “ الشرفة الأطلسية ” ، بادر عامل الإقليم إلى عقد إجتماع طارئ يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2025 ، والذي كان من أبرز خلاصاته الاستجابة لمطالب الساكنة من خلال الالتزام المبدئي بترجمة المقترحات المقدمة بشأن التغييرات الأساسية المراد تفعيلها في مشروع التهيئة في الجانب العلوي من الشرفة .
وقد عبر المنتدى منذ البداية عن أسفه لعدم الأخذ بمقتضيات الديمقراطية التشاركية في التعاطي مع القضايا ذات الشأن العام المحلي بالمدينة ، ونبه إلى أن استحضارها وتفعيلها في كل المشاريع التنموية لدى المسؤولين كان سيجنب الجميع هذا الاستياء العام الذي عبرت عنه ساكنة العرائش خلال الوقفة الاحتجاجية، وهذا الهدر للمال العام ، والكثير من الجهد الذي بذل في مشروع التهيئة ، التي لم تكن نتائجها الميدانية في مستوى تطلعات الساكنة، التي رفعت شعار " أعيدوا لنا شرفتنا " بعدما رأت فيها تدميرا لأهم المكونات والمعالم الثقافية والحضارية والجمالية للشرفة وطمس للهوية البصرية واجتثات للذاكرة الجماعية
.
فالمقاربة التشاركية ليست خطابا للاستهلاك بقدر ما هي مسؤولية مدنية والتزام أخلاقي تجاه الرأي العام و الساكنة ولا يمكن اللجوء إليها في اللحظات الأخيرة كعجلة " السوكور " لتدارك ما يمكن تداركه، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
إذ لا يمكن التعامل مع مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية بمعزل عن التأهيل الحضري الشامل لمدينة العرائش مع الأخذ بعين الاعتبار توجهات التصميم الجهوي لإعداد التراب المصادق عليه في يناير 2021 من طرف مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
كما أنه كان من المفترض مبدئيا التعامل مع الشرفة الأطلسية باعتبارها موقعا تاريخيا وليس فضاء عاديا، وما يتطلبه ذلك من حماية قانونية انسجاما مع مقتضيات اتفاقية باريس ذات الصلة بالموضوع ، وأن أي تدخل في مشروع التهيئة يكون في حدود التجديد والتدعيم والترميم فقط وليس الهدم كما وقع.
لقد نبه المنتدى أيضا لطبيعة هذا الاجتماع الذي لا يتجاوز الإطار التشاوري والتواصلي، وأن المؤسسات المنتخبة هي الجهة المخولة لها دستوريا بفتح استشارات مع المجتمع المدني، بما يجعله شريكا أساسيا للمؤسسات المنتخبة، في إبداء الرأي والمشورة ورفع العرائض والملتمسات وغيرها ، وهو ما لم يتم الالتزام به في هذا المشروع، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار العرائض والمقترحات والتصورات التي بلورتها فعاليات المجتمع المدني قبل إنجاز المشروع منذ سنة 2023 .
إن انسحاب بعض فعاليات المجتمع المدني كان خطوة موضوعية تعبر عن أزمة الثقة بين السلطات والهيئات المنتخبة والفاعلين المدنيين، وعن عقدة التجاذب بمنطق الغلبة والمغالبة، وكذا اللبس الحاصل على مستوى فهم طبيعة الاجتماع الذي أكد فيه العامل على طابعه التشاوري والتواصلي دون أن يكون ملزما بإنجاز أي محضر. وهنا نتساءل ألم يكن من الأجدر بالمجلس الجماعي، وهذا طبعا ليس انتقاصا من مبادرة العامل القيمة فتح الإستشارة مع المجتمع المدني، باعتباره المؤسسة المخولة دستوريا للقيام بذلك، تحت إشراف السلطة ممثلة في العامل إعمالا لمبدأ المرافقة والمواكبة، وبالتالي إنجاز محضر يلزم جميع الأطراف بخلاصاته ومخرجاته، ونعتبر أن اجتماع اللجنة التقنية بجماعة العرائش يعد القناة الصحيحة قانونيا والكفيلة بترجمة الخلاصات والتوجيهات المحددة في الاجتماع السابق، بحضور كفاءات من ذوي الاختصاص وبحضور فعاليات المجتمع المدني يوم الأربعاء 22 يوليوز 2025 ، وهي فرصة ثمينة ضيعتها بعض فعاليات المجتمع المدني، لأن هذه المحطة كانت حاسمة في الإنصات والإدلاء بالملاحظات وتقديم جميع المقترحات التي تهم التغييرات المزمع تفعيلها في مشروع التهيئة أبرزها :
استعادة العريشات القديمة والمحافظة على شكلها الأصلي .
توسيع المساحات الخضراء إلى الحد الأقصى الممكن .
إدماج اللونين الأزرق والأبيض في أرضية الشرفة ، عبر عينات من الزليج أو حجر الرصيف (pavé) ، على أن يتم الاختيار بينهما لاحقًا، والتي توجت بخرجة ميدانية لعين المكان قصد الوقوف عن قرب على هذه المقترحات والتغييرات المرتقبة بتفاصيلها الدقيقة.
ولم يكن إجتماع الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي سوى للتزكية والمصادقة التي تمت بالإجماع حول خلاصات ومقترحات اللجنة التقنية، والتي ستعمل بمعية فعاليات المجتمع المدني على تتبع التصاميم المراد تغييرها من طرف المهندس المسؤول الذي سيقوم بعرضها في اجتماع يوم 1 غشت 2025 والمصادقة عليها بشكل نهائي.
إن محطة الشرفة الأطلسية أعادت للأذهان في الذاكرة النضالية أهمية العمل الجماعي المشترك من خلال تنسيقيات محلية تتعاطى مع كافة قضايا الساكنة، وهي فرصة مواتية جدا لإحياء العمل التنسيقي بين الإطارات المدنية و الحقوقية والسياسية من أجل الترافع وطرح وتتبع جميع الملفات الشائكة والعالقة بالمدينة.