أنور الشرقاوي: السيد ترامب.. لشخص مثلك، أشعر بالخجل من إنسانيتي

أنور الشرقاوي: السيد ترامب.. لشخص مثلك، أشعر بالخجل من إنسانيتي
أنا...
أنا رجل من المغرب في شمال إفريقيا.
من أرضٍ مدت يدها إليكم يوم كنتم في المهد، حين اعترف المغرب، أول من اعترف، بمولد بلادكم.
أنا لست زعيماً ولا بطلا. 
أنا مجرد بشر، واقف في طين هذا العالم، أرفع رأسي، لكن قلبي منكسر. 
أنظر إليك، فأراك لا ترى.
أسمعك، فلا أسمع سوى صدى الشعارات.
وأتساءل، كيف لإنسان أن يصمت أمام صرخة أم في غزة؟
أمام يدٍ صغيرة تخرج من تحت الأنقاض ولا تجد من يضمها؟
أنتم تصدرون المراسيم، تبنون الجدران، تتهكمون أمام الخرائط.
لكنكم لا يحن لكم قلب. 
لا تترددون.
ولا تتساءلون: أين ذهب العدل؟
السيد ترامب،
أنتم رجل أعمال، رجل أبراج، رجل صفقات.
ويظهر أنكم لستم رجلاً من لحم ودم.
لستم رجلاً يقف دقيقةً صمتًا على مقبرةٍ جماعية تُقام كل يوم فوق الأرض الفلسطينية.
ذلك الصمت الذي تتقنه ليس حيادًا.
ذلك الصمت خيار.
وفي الخيار موت.
وفي موت الآخرين، حياة مصالحكم ومصالح دولة محتلة 
أنا لا أمتلك أسطولًا.
ولا صوتًا في مجلس الأمن.
لكني أمتلك صوتًا داخليًا لا يسكت.
ضميرًا لا يُربَّى على الخوف.
سلاحي الوحيد قلمي وحبي في آن يحيا كل إنسان في امان. 
غزة تنزف، والمتسلطون الاقوياء يتناولون العشاء بالشمبانيا والكافيار. 
الأطفال يُسحَقون، والنشرات تتحدث عن الأرصدة والنفط والتحالفات.
الرئيس ترامب هل رأيت يومًا بيتًا يُقصف مرتين في ذات النهار؟
هل رأيت مدرسة تتحول إلى قبر جماعي؟
هل سمعت قلب طفلٍ ينكسر؟
أنا سمعته، وسكان الكون سمعوه لأن الصمت لم ولن يصيب أحدا بالصمم. 
أنتم تملكون المنبر.
لكنكم بعتموه.
تملكون الكاميرا.
لكنكم وجّهتموها إلى الجانب الخطأ من الحقيقة.
يا سيد ترامب،
لقد أضعتم الفرصة، وأضعتم المعنى.
وأنا، أمام هذا الخراب،
أرفع ما تبقّى من إنسانيتي كرآية ممزقة، وأقول:
نعم، أشعر بالخجل لأني أشترك معك في الصنف البشري.
لكني لن أستسلم.
سأكتب،
سأصرخ،
سأمشي في جنازات العدل، وأحمل نعشه،
حتى يُبعث من جديد.
لن تُمحى فلسطين من الخريطة الدولية 
لن تُطمس غزة رغم القنابل 
ولن يُدفن الشهيد في صمت 
سيأتي يوم،
وسيُفتَح كتاب التاريخ.
وسيقرأ العالم صفحة من ماتوا وصفحة من صمتوا.
وأنت...
ستكون في الصفحة الثانية.
الدكتور أنور الشرقاوي
مواطن مغربي، طبيب، ومدافع على  السلام
الدكتور أنور الشرقاوي، مواطن مغربي، طبيب، وإنسان لا يرضى الصمت على الظلم