بعد أن حسمت حكومة أخنوش في ملف قانون الإضراب لصالحها، خلافًا لما كانت تطمح إليه مجموعة من النقابات، ها هي تفتح ملفًا آخر لا يقل أهمية، ويتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد.
الحكومة الحالية متشبثة بطي هذا الملف واعتباره من بين المنجزات التي ستحسب لها خلال هذه الولاية، إلا أن الطريق نحو تحقيق ذلك لن يكون مفروشا بالورود، خاصة أن بعض النقابات ترفع "الفيتو" في وجه العديد من مقترحات الحكومة بخصوص إصلاح أنظمة التقاعد.
وتؤكد الحكومة أن إصلاح أنظمة التقاعد لا يحتمل أي تأخير أو تأجيل، في المقابل ترى بعض النقابات، وعلى رأسها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن لا داعي للتهويل أو التسرع في تدبير هذا الملف الحساس.
وسيكون شهر شتنبر 2025 موعدًا لانطلاق النقاش الفعلي حول كل الترتيبات المتعلقة بهذا الملف، وذلك من خلال اجتماعات اللجنة التقنية التي تم إحداثها بهدف التوصل إلى حل توافقي يُرضي جميع الأطراف.
ورغم أن الوصول إلى اتفاق يبدو صعبا بحسب بعض المراقبين، إلا أنه ليس مستحيلا، لكنه يتطلب الكثير من التنازلات سواء من الحكومة أو من النقابات.
عبد الجليل أبو المجد، باحث في الشأن النقابي، أكد أنه بعد الزوبعة التي خلفها قانون الإضراب، وما أثاره من غضب في صفوف النقابات، بات من الضروري المرور إلى ملفات أخرى ضمن البرنامج المسطر، وفي مقدمتها إصلاح أنظمة التقاعد، يليه ملف قانون النقابات.
و قال محدثنا : "يُعدّ اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالنقابات تمهيدا لمواصلة النقاش بهدف بلورة تصور يرضي جميع الأطراف، بالنظر إلى أن ملف التقاعد يُعد شائكا وحساسا لدى الموظفين والأجراء، ما يفرض مقاربة تشاركية تسعى الحكومة إلى تبنيها".
وأضاف أن الحكومة تهدف إلى صياغة تصور إصلاحي تشاركي يراعي الحقوق المكتسبة ويضمن ديمومة وتوازن الصناديق، خاصة أنها تعتبر أن هناك اختلالات كبيرة تهدد استمرارية المنظومة. في المقابل، ترى النقابات عكس ذلك.
و أبرز عبد الجليل أبو المجد، أن صناديق التقاعد تواجه مشاكل مزمنة تعود أساسا إلى سوء التدبير وغياب الحكامة. وأن الحكومة والنقابات تعول، من خلال اللجنة التقنية، على الوصول إلى حلول توافقية، من قبيل الزيادة في معاشات بعض الفئات المتضررة، مقابل القبول بإصلاحات محدودة كرفع سن التقاعد إلى 65 سنة والزيادة الطفيفة في نسبة المساهمة.
وقال: "ستكون اللجنة التقنية مسؤولة عن وضع تصور عام والتوصل إلى حلول وسط، مع طموح الحكومة في إدراج هذا الإصلاح ضمن إنجازات ولايتها الحالية. غير أن تحقيق ذلك يبقى رهينًا بمدى وحدة مواقف النقابات، وقدرتها على إقناع الحكومة بضرورة تحسين معاشات الفئات المتضررة لضمان السلم الاجتماعي. ومن المحتمل أن تنجح النقابات في فرض بعض مطالبها، كما أن الحكومة قادرة على تمرير إصلاح التقاعد خلال هذه الولاية".