من المستفيد من تناسل فيديوهات شغب أفارقة جنوب الصحراء؟

من المستفيد من تناسل فيديوهات شغب أفارقة جنوب الصحراء؟ يختار العديد من المهاجرين الأفارقة البقاء في المغرب، وتجنب المخاطرة بحياتهم بعبور البحر الأبيض المتوسط
في الفترة الأخيرة، تناسلت الكثير من الفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي توثق بعض أعمال الشغب والانحرافات التي تنسب لمجموعة من مهاجري أفارقة جنوب الصحراء في وضعية غير قانونية. 

 الفيديوهات التي انتشرت كالنار في الهشيم، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دوافعها ومراميها. متتبعون أكدوا أنه لا بد من التعامل بنوع من الحذر مع بعض الفيديوهات التي يتم الترويج لها بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي، مبرزين أنه إذا كان بعض أفارقة جنوب الصحراء من المهاجرين غير الشرعيين يقومون ببعض الانحرافات أو الشغب، فإنه لا بد من التعامل مع هذه السلوكيات بنوع من الصرامة والمسؤولية دون الوقوع في فخ التعميم أو العنصرية، مادام أن المغرب اختار منذ سنوات فتح أبوابه لهذه الفئة التي تعاني اقتصاديًا واجتماعيًا في بلدانها الأصلية.
 
رشيد لبكر،  أستاذ جامعي بكلية الحقوق بالجديدة، قال في تصريح لـ"أنفاس بريس" : "إذا كان الأمر يتعلق بواقعة حقيقية تتعلق بأعمال شغب يعاقب عليها القانون، فيجب على السلطات المعنية التدخل بشكل صارم حتى ينضبط الجميع للقانون، لأن المغرب وإن كان قد فتح بابه أمام إخوته الأفارقة، وأنه بلد السلام والحب والاحتواء، إلا أن هذا لا يعني أنه بلد الفوضى، فالمغرب له قوانينه وضوابطه ومؤسساته، وبالتالي من يحاول أن يحيد عن هذه القواعد لا بد أن تطبق في حقه العقوبات المناسبة حتى يكون عبرة لغيره ويرتدع من له نية أخرى في القيام بنفس الشيء".

 وأضاف محدثنا، أما إذا كانت تلك الفيديوهات مفبركة أو كانت هناك نية معينة لتكثيف ترويجها في هذا الظرف، فهذا أمر آخر، لأن الجميع يعرف بأن القضية الوطنية وصلت إلى منعطف حاسم، وأنها يوما عن يوم تكسب المزيد من المؤيدين للطرح المغربي، وبالتالي هناك بعض الأطراف المناوئة للمغرب التي يزعجها هذه الفتوحات الدبلوماسية التي يقوم بها المغرب، وتحاول التشويش على هذا النجاح بخلق أعمال الشغب، وذلك من أجل التشويش على المغرب وتأليب بعض الدول ضده. 

وزاد قائلا: "الحديث عن قضية من لا شيء من شأنه أن يشوش، حسب هذه الجهات، على موقف بعض الدول الإفريقية من ملف القضية الوطنية. وإذا كانت هذه النية ثابتة، فإنني أعتقد أنه يجب البحث عن هؤلاء المناوئين والمشوشين والتعامل معهم بما يناسب هذه الأفعال. لأنه لا يمكن لأحد أن يركب على قضية معينة للمس بمصداقية المغرب وبمساره الصحيح. وفي كلتا الحالتين، فإنني أعتقد أن هذه القضية تقتضي من السلطات الأمنية أن تفتح تحقيقا معمقا وموضوعيا في هذا الاتجاه، وتكشف عن جميع الملابسات، وذلك من خلال بيان رسمي حتى نقطع دابر التأويلات التي ربما تذهب في اتجاهات غير محبذة، خاصة بالنسبة لأمننا الوطني وقضيتنا الوطنية. وأعتقد أن السلطات المغربية قد تكون قد باشرت هذا الأمر، وما سيسفر عنه هذا التحقيق هو الذي سيمكن البناء عليه من تحليلات ستكون مبنية على أسس موضوعية وليس على تهيؤات. فعندما تظهر الحقيقة، فإن الدولة المغربية ستتخذ القرار المناسب في كل حالة على حدة، في إطار الحفاظ على المعادلة المتوازنة وهي "مرحبًا بالإخوة الأفارقة، ولكن على أساس الاحترام والتقيد التام بالضوابط وأمن المغرب والتعامل بكل حزم وصرامة مع كل من تسول له نفسه أن يحيد عن هذا الخط، وأن يقوم بأعمال من شأنها إثارة أعمال الشغب".
 
عبد اللطيف مستكفي،  أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية الحقوق بالدار البيضاء،  أكد أن المسألة المتعلقة بتناسل فيديوهات انحرافات منسوب لبعض مهاجرين أفارقة جنوب الصحراء، يجب تناولها من خلال ثلاث مستويات، المستوى الاجتماعي والدبلوماسي والحقوقي.
 
 فعلى المستوى الدبلوماسي، والذي له علاقة بموقع المغرب جغرافيا كجسر نحو الضفة الأخرى، يقول المستكفي، فإن المغرب يصبح الوجهة الأكثر استقبالا لهذه الفئة، دون أن ننسى تهجيرهم من قبل الجزائر نحو المغرب، وهو نوع من تهجير الأزمة. وإن العديد من الأفارقة يعتقدون أن أوروبا هي ضفة الخلاص وتجاوز أزماتهم الاقتصادية التي يعيشونها في بلدانهم.
 
وعلى المستوى الاجتماعي، والكلام دائما لمستكفي، فالأمر يتعلق بفئة مهاجرة في وضعية اجتماعية كارثية، بدون مأوى، ومنهم من يشتغل في بعض المهن الهامشية، وهناك من يمارس بعض السلوكيات الإجرامية، حيث أبانت بعض الفيديوهات أن بعضهم يتاجر في المخدرات أو السرقة أو الهجوم على بعض الشقق واقتحامها، وكلها سلوكيات مجرمة.
 
وقال المستكفي : "أما الجانب الحقوقي، الذي يتعلق بحقوق هذه الفئة التي تعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية، فإن هذه الوضعية في تفاقم، لأن العدد يتزايد بسبب الزواج، وأعتقد أنه لا بد من تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن سفارات دول هؤلاء المهاجرين وأعضاء من الخارجية المغربية وعن وزارة الداخلية، إضافة إلى جمعيات حقوقية مهتمة بهذه القضية، والتفكير في صيغ مناسبة لإدماج هذه الفئة داخل المجتمع المغربي.