حاورت "أنفاس بريس"، إبراهيم بلغازي، رئيس جمعية متقاعدي المديرية العامة للضرائب، ونائب رئيس فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب سابقا. وذلك على ضوء الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يوم الخميس 17 يوليوز 2025 بالرباط، للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد، الذي انعقد تبعا لخلاصات اجتماع دورة أبريل 2025 للجنة العليا للحوار الاجتماعي، حيث خصص لمناقشة الوضعية الحالية لأنظمة التقاعد، والاتفاق على آليات الاشتغال والمقاربة التي سيتم اعتمادها بشكل توافقي، من أجل وضع إطار ملائم لهذا الملف. وذلك بمشاركة تمثيلية النقابات والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
أين وصل إصلاح صناديق التقاعد، هل تعتقد ان هذه الجولة من اجتماعات الحكومة مع النقابات حققت مكاسب للمتقاعدين؟
ما يميز الجولة الحالية من الحوار الاجتماعي هو الحضور القوي للمجتمع المدني، الذي خرج إلى الشارع بشكل حضاري وسلمي، خصوصاً من خلال الوقفات التي نظمها المتقاعدون أمام البرلمان. هذه التحركات دفعت عدداً من كبار المسؤولين أن يقروا بحقوق المتقاعدين، لكنها للأسف تفتقد لممثل رسمي معترف به قانونياً. بل إن بعض البرلمانيين ذهبوا حد القول إن المتقاعد هو "الأب".. ولقالوا فيه "الجد والجدة، والخال والخالة، والعم والعمة".
المضامين التي نشرتها وسائل الإعلام حول أعضاء لجنة الحوار تطمئن عن كفاءتهم العالية في التفاوض كل في نطاقه، كل في مجال اختصاصه. لكن المثير في تركيبة هذه اللجنة هو أن الوزير يمثل القطاع الذي يديره وفي نفس الوقت هو مشغل مع العلم أن دور رئيس الحكومة ووزرائه كان من المفروض أن يكون دور "الحَكَم" بين العمال وأرباب العمل. فنجد الوزير بقبعتين، وهنا يطرح السؤال: ماذا لو اقتنع وزير التشغيل بضرورة الزيادة في الأجور، في حين تعارضه وزيرة الاقتصاد والمالية بذريعة عدم توفر الموارد المالية لتطبيق هذا الاتفاق؟
مارأيك بخصوص تمثيلية العمال؟
لا مانع من مشاركة النقابات المصنفة بـ"الأكثر تمثيلية"، رغم أن تمثيلها لا يشمل سوى 5% من المشتغلين، في حين تمثل 50% من الأصوات الامنتمين أو المستقلين، ورغم هزالة التمثيلية فإنها لم تقلل من عزيمة النقابيين في الدفاع عن الشغيلة.
الإشكال الحقيقي يكمن في طبيعة النقاش المطروح. فبينما تركز النقابات على الدفاع عن المكتسبات ورفض "الثلاثي الملعون" (رفع سن التقاعد، وتخفيض المعاش، وزيادة الاقتطاعات)، ترى الحكومة أنه لا يمكن ضمان استمرارية الصناديق بدونه. وبالتالي، تغيب مسألة الزيادة في المعاشات عن طاولة الحوار، لصالح التركيز على الزيادة في الأجور.
رغم ذلك، شهد هذا الشق من الموضوع تطوراً لافتاً. فحين كان الحديث عن المتقاعدين يتم في السابق بعد انتهاء الحوار وتهنئة المشتغلين، لاحظنا هذه المرة أن النقابات المشاركة في اجتماع لجنة الحوار يوم 17 يوليوز 2025، أصدرت بلاغات تؤكد مطالبتها صراحة بالزيادة في المعاشات.
أما الطرف الثالث في الحوار، والمتمثل في أرباب العمل، فإن تمثيلهم من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب لا يعكس واقع القطاع الخاص برمّته، خصوصاً أن مسيّري هذا الاتحاد يستفيدون من الصندوق المهني المغربي للتقاعد، الذي يُصنّف كمعاش تكميلي اختياري. وعدم إلزامية الانخراط فيه تسببت في حرمان فئة واسعة من متقاعدي القطاع الخاص من معاش ملائم لأجرهم الحقيقي.
ما هو دور الصناديق في الحوار الاجتماعي؟ وهل هي طرف فيه؟
وجود مدراء الصناديق في هذا الحوار الاجتماعي (المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، ورئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، ومدير الصندوق المغربي للتقاعد، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والرئيس المدير العام للصندوق المهني المغربي للتقاعد، والمدير العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ) فإنه يقتصر غالباً على تقديم المعطيات والأرقام، رغم أنها المعنية الأولى بإصلاح المنظومة، سواء من حيث الدمج المحتمل في قطبين أو من حيث إلزام المشغّلين بأداء مساهماتهم في الآجال المحددة.
إمكانية تحقيق زيادة في المعاشات تظل رهينة بدوافع هذا الاهتمام المفاجئ بالمتقاعدين، وهل كانت الوقفات التي نظموها كافية لتحريك الملف. فقد أصبح واضحاً أن التنسيقيات والتكتلات غير النظامية استطاعت تجاوز عجز الجمعيات التقليدية، التي لم تنجح سوى في انتزاع مكسب جزئي، هو الإعفاء الضريبي الذي لا يستفيد منه حوالي 93% من المتقاعدين.
كيف سيتم إنصاف المتقاعدين إن تقررت زيادة في المعاشات؟
يبقى الرهان قائماً على وعي المسؤولين عند صياغة القوانين، لتفادي تكرار الهفوات السابقة، والرجاء من المسؤولين تفادي استعمال هذه الهفوات مثل ما حصل في 2014 في الفصل 60 من المدونة العامة للضرائب بنسيان كلمة ما فوقها للكلام عن حد 168000 درهم، وفي 2022 لتطبيق زيادة 5% على "المعاش المصروف" عوض المعاش.