وبشأن القضايا الداخلية للوطن فإن "حركة ضمير" تؤكد من جديد اقتناعها الراسخ بأن الأنظمة السياسية الديموقراطية أو الطامحة لبناء الديمقراطية تتأسس على الشرعية الدستورية تليها الثقة في مجموع الفاعلين الجادين في الفضاء العمومي دون ميز، من فاعلين مؤسساتيين وحزبيين وحقوقيين ونقابيين ومدنيين واقتصاديين. إذ من نافلة القول التأكيد على الترابط الحاصل بين كل هؤلاء من أجل تلاحم البنيان الدستوري والسياسي بأكمله، بما يضمن أن يلعب كل فاعل دوره طبقا لنص وروح الدستور ولمقتضيات القانون.
وفي هذا الصدد فإن "حركة ضمير" تعبر عن تخوفها من استفحال فقدان الثقة في المؤسسات مما ينذر بالنظر إليها كمؤسسات شكلية وصورية في أعين المواطنات والمواطنين والمتتبعين على السواء، وهو ما من شأنه أن يخلق وضعا قد يعرض البنيان المؤسساتي لأزمات مستفحلة.
إن هذه الثقة المطلوبة باستمرار رهينةٌ بمدى تفعيل المقتضيات الدستورية بنصها وروحها وبمدى اعتبار كل فاعل من الفاعلين فيما يتعلق بمسؤوليته مساءَلا عن واجباته الدستورية والقانونية والإدارية والاخلاقية، ورهينةٌ بوضع السياسات العمومية المناسبة لتطلعات المواطنين وتقديم الحساب دوريا عن مدى التقدم الحاصل في إنجازها طبقا للمبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤوليّة بالمحاسبة، وبجعل محاربة الفساد بلا هوادة في أولوية الأولويات وبالمنع الصارم لتضارب المصالح في مستويات المسؤولية السياسية والحكومية، وبدورية ونجاعة التواصل المستمر والواضح والمسؤول مع المواطنين أصحاب الشأن في المقام الأول، وأخيرا وليس آخرا بتفعيل شمولي وفعلي للإصلاحات التي حملها النموذج التنموي الجديد.
وعبرت حركة ضمير عن قلقها إزاء الوضع السياسي الراهن بعد كل الآمال المعقودة، معتبرة ألا فكاك منه إلا باعتماد نموذج سياسي جديد ضمن المرجعية الدستورية للبلاد، نموذج يقطع مع الزبونية وشراء الذمم عبر الحملات الانتخابية المشبوهة تحت غطاء المساعدة الاجتماعية، نموذج يبتعد عن تفصيل المشهد السياسي على المقاس، نموذج يعتبر الحياة الديمقراطية الفعلية للأحزاب واستقلالية قراراتها الداخلية شرطا ضروريا للمشاركة في التنافس السياسي الشريف والحصول على الدعم العمومي الكافي المحاسب عليه في آجال معقولة، نموذج يعتمد نظاما انتخابيا مشجعا على مشاركة المواطنين في مختلف الاستحقاقات وعلى تشكل أغلبيات قوية ومنسجمة على أساس برامج قبلية، نموذج يسمح للتعيين الملكي لرئيس الحكومة بأن يختار – ضمن تحالف الأغلبية المفرزة من صناديق الاقتراع - الاسم الأجدر بتحمل المسؤولية السياسية الثانية في الدولة، بغض النظر عن المسؤوليّة التي تمارس داخل حزب من الأحزاب.
كما أن المطلوب اليوم – بحسب الحركة - يتمثل في القيام بمبادرات قصد إرساء جو من الثقة في الفضاء العمومي عبر المبادرة بخطوات من شأنها تجاوز التوترات المسجلة في السنوات الأخيرة خلال الحركات الاجتماعية ومخلفاتها (ملف الريف...).
كما سجلت بقلق عميق، عددا من الظواهر السلبية التي يعرفها المشهد الحقوقي في بلادنا ومن ضمنها ما سُجِّل بشكل متكرر من تغييب للدور التشريعي والرقابي للبرلمان، ومن هيمنة للحكومة على مفاصل ومراحل إنتاج القوانين، علما بان أغلب تلك القوانين ترمي الى تكريس الاختلالات الاجتماعية في تناقض تام مع شعار الدولة الاجتماعية، والى خدمة مصالح اللوبيات الاقتصادية الاحتكارية، عبر الخوصصة وتحرير الأسعار والتحكم في الاسواق، والإصرار على المساس بالحريات العامة كما يتجلى ذلك في قانون الإضراب وقانون المسطرة الجنائية وغيرها، ومتابعة عدد من وجوه الصحافة والتدوين، مع استمرار تجاهل مطلب إطلاق سراح نشطاء الحركات الاجتماعية.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فتُسجل حركة ضمير الفشل الذريع لسياسة الحكومة – المطوقة بالتزام الاعتماد على الإطار المرجعي المتمثل في النموذج التنموي الجديد - وهو ما كان من شأن التزامها به أن يمكنها من تجنّب نكسة الفشل. وفي الواقع، فقد ظلّ النمو الاقتصادي في حالة ركود لسنوات عدة، عاجزا عن كسر السقف الزجاجي المتمثل فيما بين 3% و4%، وعنْ تدبير إعادة توزيع الدَّخل والثروة بطريقة أكثر عدلاً بين الطبقات الاجتماعية والمناطق والأجيال. لقد بلغ معدل البطالة مستوى قياسيًا ب 13.3% (21.3% وفقًا لآخر إحصاء أُنجز في شتنبر 2024)، بينما انخفض معدل النشاط إلى مستوى مُزرٍ يقل عن 43%. كما يستمر معدل نشاط الاناث في التدهور (أقل من 19%)، في حين التزمت الحكومة برفعه إلى 30%. لقد فَقَدَ الاقتصاد الوطني أكثر من 153 ألف منصب شغل في أقل من أربع سنوات، علماً بأن الحكومة التزمتْ بإِحداثِ مليون منصب شغل صاف خلال ولايتها. كما تفاقم عجز الميزان التجاري بأكثر من 100 مليار درهم سنويًا، وبلغ الدَّين العمومي مستوى قياسيًا جديدًا - أكثر من 1300 مليار درهم، أي ما يعادل 82% من الناتج المحلي الإجمالي – وذلك على الرغم من الممارسات المثيرة للريبة والمتعلقة ببيع أصول الدولة تحت ستار "التمويلات المبتكرة". وأخيرًا، لا يزال اقتصاد الريع يُثقل كاهل المعاملات الاقتصادية، واقفا حجر عثرة أمام المقاولين الشباب، مانعا إياهم من البروز والاقلاع، ومُعطلا وصول المقاولات الصغيرة والمتوسطة للصفقات العمومية والتمويل البنكي، فاتحا الباب أمام استمرار العديد من الأوضاع المجحفة لصالح قلة من الأثرياء وأصحاب الامتيازات على حساب المصلحة العامة: المحروقات، ومصفاة لسامير، ومحطات تحلية مياه البحر، واستيراد اللحوم الحمراء، وغيرها.
وبالنسبة لقضية الوحدة الترابية، سجلت الحركة بارتياح كبير المكاسب الديبلوماسية التي استطاعت بلادنا أن تراكمها بنجاح والمتمثلة في دعم العديد من بلدان إفريقيا والعالم، وفي مقدمتها الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، لمشروع الحكم الذاتي للصحراء المغربية، كما استحضرت مخططات الجوار والمتمثلة في خيارات رأس هرم الدولة الجزائرية المبنية منذ عقود على المعاداة الممنهجة لوحدة المغرب.
وبعد نقاش مستفيض حول مجمل هذه المواضيع، شرع الجمع العام في انتخاب أعضاء المجلس الوطني، ثم التأم هذا الأخير من أجل القيام بانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي، حيث أفضت العملية إلى التشكيلة التالية:
- محمد بنموسى
- عبد المنعم خنفري
- كنزة بوعافية
- أنور الازهاري
- الحسين اليماني
- زكريا أشرقي
- أحمد العمراوي
- غزلان بنرزوق
- سارة بوعزة
ومن المقرر أن يجتمع المكتب التنفيذي خلال أيام من أجل توزيع المهام والمسؤوليات بين أعضائه.