اليوم، أصبح من الضروري على المغرب ، التحرك الديبلوماسي لسحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة، قياسا إلى المعطيات الجديدة التالية:
أولًا: وضوح القرار المركزي بخصوص دور الأمم المتحدة، من خلال الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 لانطلاق المسيرة الخضراء: «لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته».وهو ما يعكس الحسم في التوجه السياسي والدبلوماسي للمغرب الذي لا يمكن أن يفرط في شبر واحد من أراضيه، أو التفاوض بشأن أي حلول غير واقعية.
ثانيا: تأييد إسبانيا «القوة المستعمرة للأقاليم الصحراوية» لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، واعترافها بحق المغرب على أراضيه، وتبنيها الواضح للحكم الذاتي.
ثالثا: اتضاح أن طبيعة النزاع لم تعد مرتبطة بتصفية استعمار، بل بصراع سياسي إقليمي مفتعل تذكي نيرانه الجارة الجزائر التي يعلم المنتظم الدولي أنها راعية الانفصال وصانعة البوليساريو والحالمة بالحصول على منفذ نحو المحيط الأطلسي.
رابعا: اتضاح أن البوليساريو ما هي إلى «بعبع عسكري» يموله كابرانات الجزائر من أجل تحقيق الهيمنة الإقليمية التي كان يطمح إليها الهواري بوخروبة وتابعه بوتفليقة. ذلك أن البوليساريو مجرد كيان مصطنع مسلوب الإرادة، ولا وجود له خارج الأوراق التي ترفعها الجزائر المعاكسة الرباط. «لا يتعدى عدد الدول التي تعترف بالبوليساريو 28 دولة».
خامسا: القرارات الأممية نفسها لم تعد تستند إلى مفهوم الاستفتاء، بل إلى مبادئ «الحل السياسي الواقعي، المتوافق عليه، العملي، والدائم». ٱذ وصل عدد دول الاتحاد الأوروبي، التي تعبر عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي إلى أكثر من 23 دولة، في وقت بلغ هذا العدد 115 دولة على المستوى الدولي.
سادسا: تغير الواقع السياسي والقانوني يفرض على المغرب الآن، وأكثر من أي وقت مضى، توجيه مذكرة سياسية قانونية مدعومة بالحجج والمعطيات إلى الأمم المتحدة لسحب الملف من اللجنة الرابعة، خاصة، كما يذهب إلى ذلك بعض الخبراء، أن المبدأ القانوني المعتمد في «تصفية الاستعمار» يشترط، أولًا، أن تكون الأرض خاضعة فعليًا لسيطرة استعمارية أجنبية، وأن يكون «الشعب» المعني واقعًا تحت هذه السيطرة دون تمثيل سياسي. وهذا ما لا ينطبق على سكان الصحراء المغربية الذين يتمتعون بكل حقوقهم.
سابعا: انفتاح «مبدأ تقرير المصير»، الذي لا يمكن تفسيره دائما بالاستفتاء مادامت الأمم المتحدة قد تأكدت من استحالة القيام به في ظل الواقع الميداني الحالي، ذلك أن تقرير المصير لا يكثر الاختيار بين هذا الفريق وذاك، بل يفتح المجال أمام حلول سياسية توافقية، تكون نابعة من الواقع.
ثامنا: اضطلاع مجلس الأمن الدولي منذ سنوات بمهمة تتبع الملف، بما أن أغلب مبعوثي الأمين العام أُوفدوا بقرارات منه، وبما أن سائر التقارير تصدر عنه، فهذا يعني أن استمرار وجود الملف في اللجنة الرابعة لم يعد له سند قانوني قوي، بل أصبح مجرد تكرار سنوي لخطابات دعائية، لا تأثير فعلي لها على مسار التسوية، بل تُستعمل أحيانًا لعرقلته، حسب بعض خبراء القانون الدولي.
إن إخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة يعني فقط إعادة الملف إلى السياق الذي أصبح يناسبه سياسيًا، وتسريع وتيرة طي الملف، وتذليل الطريق للمحتجزين بتندوف للعودة إلى وطنهم، كما يعني أن الأمم المتحدة مدعوة للانتباه إلى المتغيرات، وخاصة إلى التحاق الموقف الدولي الفاعل بمقترح الحكم الذاتي المغربي، لأن هذا المتغير أصبح شاهدًا سياسيًا ودبلوماسيًا على أمرين:
أولًا، الاعتراف بالسيادة الفعلية على الأرض، وثانيًا، تحوّل الإقليم إلى مجال منفتح للاستثمار الدولي، وللشراكات التنموية العابرة للحدود. وهذا ترجمة لوضوح الموقف المغربي تجاه حلفائه الاستراتيجيين، ونحو شراكاته الاقتصادية الدولية.