أريري: ثمانية أسباب لسحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة

أريري: ثمانية أسباب لسحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة عبد الرحيم أريري
اليوم، أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري على المغرب‭ ‬،‭ ‬التحرك الديبلوماسي لسحب‭ ‬ملف الصحراء‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة التابعة للأمم المتحدة،‭ ‬قياسا‭ ‬إلى‭ ‬المعطيات‭ ‬الجديدة‭ ‬التالية:
 
أولًا: ‬وضوح‭ ‬القرار‭ ‬المركزي‭ ‬بخصوص‭ ‬دور‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬49‭ ‬ لانطلاق‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء: «لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتتحمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬وتوضح‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير،‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والشرعي،‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬متجمد،‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وتطوراته»‭.‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الحسم‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬للمغرب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬شبر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أراضيه،‭ ‬أو‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬حلول‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭.‬
 
ثانيا‭:‬ تأييد‭ ‬إسبانيا‭ ‬«القوة‭ ‬المستعمرة‭ ‬للأقاليم‭ ‬الصحراوية»‭ ‬لسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أقاليمه‭ ‬الجنوبية،‭ ‬واعترافها‭ ‬بحق‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أراضيه،‭ ‬وتبنيها‭ ‬الواضح‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭.‬
 
ثالثا‭:‬ اتضاح‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬النزاع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتصفية‭ ‬استعمار،‭ ‬بل‭ ‬بصراع‭ ‬سياسي‭ ‬إقليمي‭ ‬مفتعل‭ ‬تذكي‭ ‬نيرانه‭ ‬الجارة‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬يعلم‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬أنها‭ ‬راعية‭ ‬الانفصال‭ ‬وصانعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬والحالمة‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬منفذ‭ ‬نحو‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭.‬
 
رابعا:‬‭ ‬اتضاح‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلى‭ ‬«بعبع‭ ‬عسكري»‭ ‬يموله‭ ‬كابرانات الجزائر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يطمح‭ ‬إليها‭ ‬الهواري‭ ‬بوخروبة‭ ‬وتابعه‭ ‬بوتفليقة. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬مجرد‭ ‬كيان‭ ‬مصطنع‭ ‬مسلوب‭ ‬الإرادة،‭ ‬ولا‭ ‬وجود له‭ ‬خارج‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬ترفعها‭ ‬الجزائر‭ ‬المعاكسة‭ ‬الرباط‭. ‬«لا‭ ‬يتعدى‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بالبوليساريو‭ ‬28‭ ‬دولة»‭.‬
 
خامسا:‬‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬نفسها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬الاستفتاء،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬مبادئ‭ ‬«الحل‭ ‬السياسي‭ ‬الواقعي،‭ ‬المتوافق‭ ‬عليه،‭ ‬العملي،‭ ‬والدائم»‭. ‬ٱذ‭ ‬وصل‭  ‬عدد‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬دولة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬بلغ‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬115‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬
 
سادسا:‬‭ ‬تغير‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي‭ ‬والقانوني‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬الآن،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬توجيه‭ ‬مذكرة‭ ‬سياسية‭ ‬قانونية‭ ‬مدعومة‭ ‬بالحجج‭ ‬والمعطيات‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لسحب‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة،‭ ‬خاصة،‭ ‬كما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬المبدأ‭ ‬القانوني‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬«تصفية‭ ‬الاستعمار»‭ ‬يشترط،‭ ‬أولًا،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأرض‭ ‬خاضعة‭ ‬فعليًا‭ ‬لسيطرة‭ ‬استعمارية‭ ‬أجنبية،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬«الشعب»‭ ‬المعني‭ ‬واقعًا‭ ‬تحت‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬دون‭ ‬تمثيل‭ ‬سياسي.  ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بكل‭ ‬حقوقهم‭.‬
 
سابعا‭:‬ ‬انفتاح‭ ‬«مبدأ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير»،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تفسيره‭ ‬دائما‭ ‬بالاستفتاء‭ ‬مادامت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬تأكدت‭ ‬من‭ ‬استحالة‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الواقع‭ ‬الميداني‭ ‬الحالي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭  ‬لا‭ ‬يكثر‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬وذاك،‭ ‬بل‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬حلول‭ ‬سياسية‭ ‬توافقية،‭ ‬تكون‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬الواقع‭.‬
 
ثامنا:‬‭ ‬اضطلاع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بمهمة‭ ‬تتبع‭ ‬الملف،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬مبعوثي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أُوفدوا‭ ‬بقرارات‭ ‬منه،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬سائر‭ ‬التقارير‭ ‬تصدر‭ ‬عنه،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭  ‬وجود‭ ‬الملف‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬سند‭ ‬قانوني‭ ‬قوي،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬مجرد‭ ‬تكرار‭ ‬سنوي‭ ‬لخطابات‭ ‬دعائية،‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬فعلي‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬التسوية،‭ ‬بل‭ ‬تُستعمل‭ ‬أحيانًا‭ ‬لعرقلته،‭ ‬حسب‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬
 
إن‭ ‬إخراج‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬إعادة‭ ‬الملف‭ ‬إلى‭ ‬السياق‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يناسبه‭ ‬سياسيًا،‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬طي‭ ‬الملف،‭ ‬وتذليل‭ ‬الطريق‭ ‬للمحتجزين بتندوف‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم،‭ ‬كما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مدعوة‭ ‬للانتباه‭ ‬إلى‭ ‬المتغيرات، وخاصة‭ ‬إلى‭ ‬التحاق‭ ‬الموقف‭ ‬الدولي‭ ‬الفاعل‭ ‬بمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربي،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المتغير‭ ‬أصبح‭ ‬شاهدًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬ودبلوماسيًا‭ ‬على‭ ‬أمرين:‭ ‬
أولًا،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالسيادة‭ ‬الفعلية‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وثانيًا،‭ ‬تحوّل‭ ‬الإقليم‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬منفتح‭ ‬للاستثمار‭ ‬الدولي،‭ ‬وللشراكات‭ ‬التنموية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود. ‬وهذا‭ ‬ترجمة‭ ‬لوضوح‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬تجاه‭ ‬حلفائه‭ ‬الاستراتيجيين،‭ ‬ونحو‭ ‬شراكاته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭.