الماء والصحة والأراضي السلالية.. ملفات كبرى على طاولة عامل طاطا الجديد

الماء والصحة والأراضي السلالية.. ملفات كبرى على طاولة عامل طاطا الجديد مبارك أوتشرفت، يتوسط محمد سليماني وعبد الرحيم نوفيسو
شكّلت عدد من القضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية محور برنامج إذاعي مساء يوم الأربعاء 25 يونيو 2025 ، اللقاء الذي عرف مشاركة عدد من الفاعلين من أبناء المنطقة، تتعلق بالماء والعرض الصحي والأراضي السلالية والاستثمار السياحي، علاوة على تعثر بعض برامج تنموية و ظاهرة حرائق الواحات بين الفينة والأخرى ، وهي و أخرى مطروحة على مكتب عامل طاطا الجديد.
عبرعدد من الفاعلين بالمنطقة، وهم على التوالي: عبد الرحيم نوفيسو، ومبارك أوتشرفت، ومحمد سليماني، عن وجهة نظرهم حول الملفات المعروضة على طاولة العامل الجديد، و تم تسليط الضوء على أهم المواضيع المطروحة تجدون ضمن هذا المقال أبرز النقاشات و الآراء المثارة .
قدم مبارك مبارك أوتشرافت، رئيس منتدى "إفوس" للديمقراطية وحقوق الإنسان، في معرض رده عن السؤال اعتبار طاطا إقليم مهمش مقارنة مع أقاليم جهة سوس ماسة ، فقال " إن طاطا تشكل فضاء ومجال جغرافي واسع لو تم استغلاله بشكل مستدام لحقق النمو والتنمية بشكل أكبر، لأن الإقليم يملك مقومات ومؤهلات بشرية ومادية كبيرة ، وغناء ثقافي وتاريخي ، فعزيمة أهل طاطا قادرة على التغلب على كل التحديات إذا عرفوا كيف السبيل لذلك من جهة ، وذلك باختيار نخب محلية مؤمنة بالتغيير وذات أفق متفائل للتنمية
يدعو الفاعل الحقوقي مبارك اوتشرفت السلطات الإقليمية الجديدة إلى مواصلة المشوار التنموي بنفس جديد ورؤية شاملة، عبر دعوته لتبني مقاربة تنموية دامجة وتشاركية، حيث ثمن المقاربة التواصلية التي دشنها العامل الجديد مع الجماعات، وهو ما عكسته زياراته المتواصل ل 20 جماعة ترابية في الشهر الأول من تعيينه وتنصيبه على الإقليم ،
وبخصوص الملفات التنموية المطروحة على طاولة العامل الجديد لطاطا أجاب رئيس المنتدى أنها ملفات معقدة وشائكة، ومنها ما يتعلق بالتتبع وتقييم الأوراش السابقة ، والوقوف على مستوى الإنجازات ، وخاصة ما يتعلق ببرامج ومشاريع جبر ضرر الفيضانات ،وإعطاء الانطلاقة لمجموعة من الأوراش ومنها تنزيل اتفاقية حماية الواحات من الحرائق - التي لم تنفذ منذ 2022 - ، وعدد من المشاكل المتعلقة بالتدبير أراضي الجموع التي تستلزم تدبيرا استراتيجيا".
في حين يرى عبد الرحيم نوفيسو، الفاعل المدني من جهته ، أن الإقليم يعيش هجرة منقطعة النظير حيث أن حوالي عشرة آلاف شخص هاجروا المنطقة في إقليم بلا موارد عيش ولا اقتصاد و جلهم شباب ، بالرغم من وجود أراضي سلالية وتربة خصبة وفرشة مائية لا بأس بها مقارنة مع أقاليم أخرى داخل جهة سوس ماسة، وفي الوقت ذاته نتأسّف من غياب رؤية تنموية فلاحية بالمنطقة على غرار إقليم اشتوكة أيت باها، وتوقف زراعة الدلاّح بالمنطقة، لأننا نطالب بتقنين الزراعي لها ، ونحن نحتاج إلى نقاش جدّي و واسع والبحث عن حلّ لتأمين فرص شغل للنساء ، كما فعلت السلطات ب زاكورة المجاورة للمنطقة".
واعتبر الفاعل المدني نوفيسو، أن "قرار المنع مجحف في حقّ المنطقة وأبناءها، وإلاّ لماذا لم يحدث ذلك في تارودانت أو اشتوكة أيت باها مثلا. ينبغي لنا أن نبحث عن حلول لتعبئة الموارد المائية إذن. فالخريطة المائية الفلاحية بإقليم طاطا - غير متوفرة - بعدما طالبنا بها غير ما مرّة. وقد جرى شرعنة القرار العاملي بجمعيات لا علاقة لها بالماء والفلاحة ولا خبرة لها، في غياب جمعيات مهنية وفلاحية مختصة. كما دعا الى تقنين هذه الزراعة واستشهد بمقارنة بين الدلاح والنخيل، حيث اعتبر أن النخيل أكثر استنزافا للماء مقارنة بفاكهة الدلاح حسب بعض الدراسات .
ودافع رئيس منتدى إفوس "بقوة على قرار منع الزراعات المستهلكة للماء ، الذي اتخذ بعد دراسة ومشاورات واسعة ، اتخذ ببصيرة وحكمة بعد سلسلة من اللقاءات مع كافة الفاعلين بالإقليم بمشاركة الجميع و هو قرار اللجنة الإقليمية للماء عكس ما يدعيه ضيفكم " ع . ن ". ورد قائلا عندما سئل عن أنه ضد الاستثمار، فقال : " نحن مع الاستثمار المستدام ، فما يصلح من زراعات في منطقة ما لا يصلح في أخرى. فالمشكل ليس في نوع الزراعة، وإنما في الكثافة الزراعية، إذ تجاوزت الحجم المسموح به حسب ما أكدته وكالة الحوض المائي بحوض وادنون درعة في اجتماع اللجنة الإقليمية ، و اعتبر أن ما يحرك هذا الملف في ظل أوضاع المنطقة المتسمة ب استمرار الجفاف والتغيرات المناخية الصعبة هم بعض الأشخاص بالإقليم ولحسابات سياسيوية محضة ،أما الساكنة المحلية فهي ضد هذه الزراعات المستنزفة للماء . فمشكل الأمن المائي مطروح والأولوية ينبغي أن تعطى لتأميم وتأمين الماء الصالح للشرب للساكنة في المناطق التي تعرف خصاصا يتطلب تعبئة جماعية لتغلب على هذه الأزمة ، ولا سيما ونحن على مشارف قدوم فصل الصيف .

وأشار محمد سليماني، كأستاذ باحث في الإعلام - وهو أحد أبناء بلدة "تسينت" بإقليم طاطا - ،إلى أن ملفات الماء والصحة وتعبئة الأراضي السلالية للاستثمار من الملفات التي تنتظر إيجاد حلا لها.
أما بخصوص تفاعله في نقطة نذرة الماء في علاقة بقرار المنع المؤقت للزراعات المستنزفة للماء ، أشار سليماني إلى أن هناك عدد من القرارات العاملية المهمة التي صدرت و صنفت المنطقة منكوبة بسبب الجفاف، وهي قرارت أوصت عدد من المتدخلين بأن تعمل كل جهة في حدود اختصاصاتها بتفعيلها ،كما صدرت قرارات عاملية مماثلة للحفاظ على الفرشة المائية وتدبير الندرة بناء على دراسات وكالة الحوض المائي عضو اللجنة الإقليمية للماء . وأكد أن القرار العاملي نتاج اجتماع اللجنة الإقليمية للماء بحضور مختلف الأطراف المؤسساتية ، لكن ما يلاحظ في الواقع خرق لهذا القرار كمثال على ذلك ظهور أثقاب وآبار عشوائية بالعديد من المناطق في تحد صارخ للقرار - في تسينت بالعشرات - . فمن المسؤول عن ذلك؟ وأردف الإعلامي الباحث في حديثه أن " هناك مقاومة تعمل لمصالحها وأجندتها، فلا يمكن أن نصدّر زراعة الماء ، و نتجاهل تحذيرات وكالة الحوض المائي التي تشير إلى درجات الخطورة " المستوى البرتقالي و الأحمر في بعض المناطق من الإقليم " واعتقد أن هذا ما تم من خلال القرار العاملي فهو نوع من التقنين والتنظيم لضمان حقوق الجميع و الأجيال المقبلة.
وشدّد سليماني، في تدخله، على أنه "يجب على وزارة الداخلية أن تدبر مشكل الأراضي السلالية الذي نتج عنها حرمان الأهالي وذوي الحقوق من استغلال أراضيهم الجماعية واستثمارها ، ممّا فوت في نظره على المنطقة وشبابها مشاريع مهمة و طالب بتشجيع على الاستقرار في ظل تصاعد أرقام الهجرة ، وأن لا يدبّر الأمر على مستوى قسم الشّؤون القروية بعمالة إقليم طاطا فقط".
وأوضح مبارك أوتشرفت، أن "هناك استيلاء على الأراضي الجماعية دونما موجب حقّ، والتمس من العامل الجديد أن يفتح تحقيق مستقل في ملف أراضي الجموع بالإقليم ليقف على المشاكل المطروحة بنفسه ، وأن ينصف ذوي الحقوق المظلومين.، و في معرض رده عن ماذا فعل المنتدى للتصدي لهذه الخروقات ؟ فأجاب المتحدث أن المنتدى وقف على جملة من الخروقات في هذا الملف و راسل الجهات الوصية مركزيا وإقليميا لكن الى حدود الساعة لا تفاعل بخصوص هذه النقطة ، بل طالبنا بعقد لقاء دراس للتشاور و التباحث في الإشكالات وبلورة مقترحات الحلول . و ذكر رئيس المنتدى باللقاء التشاوري المنظم بشراكة مع عمالة طاطا حول موضوع إشكالية الماء والاستثمار بإقليم طاطا بتاريخ 28 نونبر 2022 الذي توج بجملة من التوصيات ومن بينها تشجيع الاستثمار المستدام ، و تصفية عقار الجموع وتعبئته لذوي الحقوق والإستثمار، لأن المستثمر سيضخ أمواله ، ومن الضروري حمايته وتوفير له بيئة عقارية خالية من النزاع ، وهذا ما فتئنا نؤكده عكس بعض الادعاءات التي يهمها فقط مصالحها الخاصة دون مراعاة المصلحة العامة .
بدوره، يؤكد سليماني، أن "عددا من المناطق في الشريط الحدودي على وادي درعة بها أراضي جماعية كثيرة تم بيعها لمجموعة من الأشخاص الذين ينشطون في تجارة العقار " لمافيات العقار " . فكيف لشخص أن يمتلك عشرات الالاف من الهكتارات اقتناها بثمن بخس؟ هناك خروقات كثيرة ومنها شواهد إدارية موقعة على بياض في مناطق معينة وتم استغلالها في أراضي وبقع دون أن تتحرك أي جهة لوقف هذا السلوك ، فالمافيات التي تشتغل في هذا المجال هي "خبيرة" و تستغل الفراغ و التواطؤات والتزوير في غياب أصل الملك ، وهذا ما ينبغي التصدي له من طرف العامل الجديد والسعي لحماية أراضي الجموع بالإقليم .
ولم يفت سليماني، في جوابه الإشارة وتعليق على "اختيار تسينت كمركز صاعد من بين 30 مركزا، مشاريع أعطيت السوق الأسبوعي والشلال العتيق، فعدد من هاته المشاريع تعرضت للإفلاس وتوقفت. وقد تم فسخ الصفقات، وهو ما يستلزم من العامل الجديد تسريع وثيرة المشروعين الأول بصبغته الاقتصادية والاجتماعية، والثاني سياحي اقتصادي، علاوة على مشروع التطهير السائل بالمنطقة".

أما نوفيسو، فيرى أن "الترامي على الأراضي السلالية مرفوض و غير مقبول ، و هذه النزاعات تعيق الاستثمار، و دعا الى تمكين النسيج التعاوني والجمعيات من هذه الأراضي ، واعتماد مشاريع تلائم خصوصية المنطقة والنموذج مشروع "الفصّة" كسبيل المثال.
أما بخصوص سؤال بعد أكبر أسواق الجملة في المغرب (إنزكان) بنحو 300 كيلومتر عن إقليم طاطا، فقال أن الوضع " يستلزم البحث عن اقتصاد فلاحي بديل والتفكير في آليات لدعم النقل وتشجيع زراعات بديلة لفائدة فلاحي طاطا".
وبخصوص الاستثمار في طاطا، أكد أوتشرفت مبارك أن للأسف لا توجد شركات و لا معاهد و لا مراكز التكوين والتدريب من أجل خلق فرص شغل قارة للشباب ونساء طاطا بما يساهم في تقليص معدلات البطالة ، و أردف المتحدث " رافعة السياحة الإيكولوجية وتنفيذ مشاريع هيكلية، والتزام الشركاء كمجلس جهة سوس ماسة في استكمال البنية التحتية للمطار وتجهيزاته من طرف المكتب الوطني للمطارات يشكل أولوية و ضرورة لجعل طاطا منطقة جذب عوض منطقة طرد للكفاءات والأسر ...
كما شدد الفاعل الحقوقي على ضرورة تسريع وثيرة إنجاز المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية خاصة التي دمرتها الفيضانات ،وخاصة المشاريع التي دشنها رئيس الحكومة خلال زيارته للإقليم مع وفد وزاري مهم ، وفي سياق تشجيع الاستثمار دعا المتحدث الى احداث محطة الطاقات لإنتاج الكهرباء والهيدروجين الأخضر و الاستفادة من عائدات المناجم اجتماعيا واقتصاديا ، و في معرض رده على سؤال الإذاعي بخصوص الوضع الصحي الذي أشاذ بالتقدم الحاصل في البنية الصحية و وجود تجهيزات حديثة " السكانير " لكن لا يوازيه وجود أطر طبية وصحية في مختلف هذه الجماعات ، وقال المتحدث أن " أن هذه الحلول غير مجدية ومؤقتة ، بل نريد نصيبنا من العرض الصحي إسوة بمدن تيزنيت واشتوكة أيت باها، فالرغم الجهود المبذولة من طرف السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة والمندوبية الإقليمية إلا أن ما زال هناك تحدي وفيات الحوامل ما زال قائما للأسف و يسائلنا جميعا. ومطلبنا هو تحويل المستشفى المدني إلى مستشفى عسكري لتغطية الخصاص من الأطر الطبية وضمان الخدمات الصحية بشكل مستدام مثل إقليم كلميم على سبيل المثال .
وأشار سليماني إلى أن "إشكال القطاع الصحي تتحمل فيه المسؤولية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالدرجة الأولى ،إذ يتم تعيين أطباء بلهذه المنطقة لكن هؤلاء لا يلتحقون بهذه المناطق ، و بالتالي يتم اللجوء إلى الحلول الترقيعية ، وتسأل الى متى سنستمر عبر عقود في مراكز صحية والمستشفى في إطار شراكات مع المجالس المنتخبة .
مما يستلزم من المؤسسة التشريعية أن تجبر كل طبيب متخرج بالعمل على شاكلة ما كان يسمى سابقا "الخدمة المدنية"، حتى يكون حظ طاطا قائما بمعالجة شمولية لا لحظية وآنية مرحلية، لأن من حق أهالي طاطا الاستشفاء والاستفادة من الخدمات الصحية"
إذن هي مجموعة من الملفات التي تنتظر من السيد العامل الجديد الانكباب عليها ومقاربتها مقاربة عملية وتناولها بالجدية اللازمة ، لإرجاع الثقة لأبناء وبنات الإقليم للعودة للاستقرار بطاطا ، و هي دعوة صادقة قصد إشراك حقيقي لكل الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين لمساعدته في بلورة سياسته وخطته لمعالجة الإشكالات المطروحة والارتقاء بالفعل التنموي لما يصبو اليه جلالة الملك محمد السادس بهذه المنطقة الحدودية بالتراب الوطني المغربي، التي ما فتئت تنجب شخصيات وطنية ومواهب في مختلف المجالات ، و حقق أبناؤها وبناتها إنجازات ونجاحات كبرى في مختلف المجالات .