اليوم الأول لسردية تلويكاند.. تحرير الشعر من النخبويّة

اليوم الأول لسردية تلويكاند.. تحرير الشعر من النخبويّة خروج الشعر من الصالونات إلى الفضاء العام
( سأحرّرُ نفسي 
من فلسفة الغروب، 
وأنتفض ضدّ الإفتراضات، 
لكي لا أقصّ الأوراق 
مبكّراً 
قبّالة مدفأة العجائز) 
وكأن هذا المقطع الشعري للشاعرة المتألقة نادية القاسمي تعبّر بشكل دقيق عن فلسفة وروح سردية تلويكاند..
ونحن نتابع المقطع بصوتها الشجيّ  لم يكن فقط إطلاق عدّاد زمن المهرجان فحسب بل أيضاً الإصرار على مغامرة تحرير الشعر مرة أخرى من الضيق والحصار داخل القاعات وبين الجدران.. 
كما انتفضت الشاعرة ضد فلسفة الغروب.. تنتفض سرردية تلويكاند ضد نخبوية الشعر وتدفع به   إلى الهواء الطّلق، 
أن يكون حراً أكثر، أ يكون قريبا من النّاس..لا غريباً عنهم..
 أن يوقف العابرين لحظة كي يقول لهم بأن الشعر لا يوجد فقط في اللغة والكلمات، هو في كل مكان، حتى في أجسادنا نحن الجالسين على زرابي تقليدية محاطين بطنافس ضوئية خافتة خلفنا معظم العابرين واقفين نتابع القراءات الشعرية باللغتين العربية والأمازيغية في أول ليلة من ليالي مهرجان تلويكاند مساء اليوم واللافت في هذه التجربة التي انتبهت إليها إدارة المهرجان هو القدرة على نقل الشعر نحو الفضاء العام كتجربة استثنائية حدّ ان له  الأفضلية في افتتاح النسخة الرابعة لهذا المهرجان.. 
كانت ليلة الشعر بساحة تلبرجت  لحظة دهشة عندنا نحن العابرين.. 
كان الشعر خارج  القاعات هذه المرّة وبعيداً من الجدران والكراسي المرتبة بعناية، والتي غالباً ما تجلس فيها نخبة معينة من المثقفين أو من أصدقاء الشعراء المقربين.. 
هي التجربة / الدهشة الأولى لجمهور لم يألف سماع الشعر أصلاً.. فكيف له ان يقف لسماعه  ولمدة ساعة ونصف ومن مختلف الأجناس والإعمار حتى الأطفال لو لم تكن تلك القراءات المشحونة بأحاسيس الشعراء التي لا مست أرواحنا. 
كان الفضل لهذا التنوع في لغة التعبير بين العربي الفصيح والامازيغية
  تهدف إلى إعادة الشعر إلى الناس في حياتهم اليومية، وجعله أداة تواصل إنساني ومجتمعي حي. و أكثر تأثيراً عندما يُلقى في الساحات العامة، حيث يلامس الإحساس الجمعي، ويستعيد حضوره التاريخي كجزء من الحياة العامة.
 كان العابرون في الساحة ممن بقوا واقفين أو فض الاسترخاء قليلا على الزرابي والطنافس التقليدية، نالوا نصيبا من جمالية القصائد الشعرية التي سعت إليهم عوض أن يسعوا هم إليها، فإن آخرين تركوا أقداح الشاي والقهوة جانبا واقتربوا من حلقة الشعر وهم يرددون عبر تفاعلهم مع مقاطع جد معبرة للشاعر الامازيغي صالح أيت صالح :
   
( لا استشّق من جنون نيتشه  
ولا أحلّ شفرة دافيتشي 
انا فقط أنتظر 
أنتظر 
نصيبي من القمر) 
نصيبنا من فضاء عمومي وساحات ثقافية على ضوء نور القمر.. 
هي تلويكاند قبس نورانيّ يحاول حاهداً ان يمتدّ على طول انتظارتنا الجمالية والتعبيرية.. 
فشكرا لمن ساهم وحافظ على هذا المولود والف شكر للباحث الأكاديمي الأستاذ رشيد اوبغاج على تسيير وتنشيط الليلة الشعرية الثانية وعلى ترجمته الماتعة للقصيدة الامازيغية بالعربية ..
يوسف غريب، كاتب صحفي