سأكتفي بترديد ما قالته إحدى أزواج "سعد بن مَناة"، في أدبيات الأزمنة العربية الآفلة، عندما عيّرتها إحدى ضراتها قائلةً: "يا عفلاء"، و"العفل" في لغة العرب القدامى "عيب يصيب بعض النساء بعد الولادة"، وكانت هي نفسها مصابة به، فاكتفت الضرة بالرد عليها بما سيصبح أحد الأمثال العربية الشهيرة: "رمتني بدائها وانسلت"!!
سأكتفي بهذا المثل ردّاً وتعقيباً على مخابرات عبلة، الجزائرية، وهل عبلة إلا ابنة الجزائر الجديدة؟.. والتي لم تجد ما تُدَثِّر به فضيحة نُفُوق أربعة ضباط جزائريين سامين على إثر الضربات الإسرائيلية لقيادات الجيش الإيراني، لأن أولئك الضباط السامين كانوا على صلة وثيقة، بل عضوية، بجنرالات الملالي وخاميناي، تماما كما كان إخوانٌ لهم فيما مضى في صفوف كبار ضباط الطاغية بشار الأسد قبل فراره، وطيلة سنوات تقتيله للمواطنين السوريين الرافضين لحكمه الاستبدادي البائد!!
كنت أقول، إن مخابرات عبلة لم تجد ما تستر به فضيحة الضباط الجزائريين الذين طالتهم صواريخ إسرائيل داخل مقرات ومخادع قيادات الجيش الإراني، سوى إطلاق شائعة جديدة، على غرار شائعاتها التي تعز عن العد والإحصاء، مفادُها أنّ ضباطاً سامين مغارية لقوا حتفهم، هم الآخرون، تحت نيران الصواريخ الإيرانية التي ضربت بعض مدن إسرائيل!!
إنهم بذلك يريدون، بل يطمعون، في أن "نكون في الهم سواء"، في نظر الشعب الجزائري المسطول، و"المقلوبة عليه القفة"، والذي لم يعد المسكين يفرّق ويميّز بين الغث والسمين فيما يُلقَى إليه من أخبار، تِسعٌ وتسعون فاصلة تسعٍ وتسعين في المائة منها مجرد كذبٍ بَوَاح، ولا شيء غير الكذب البَواح!!
والمصيبة أن وسائل إعلامية جزائرية غير قليلة تلقفت هذه الإشاعة، حتى وهي تعلم مدى كذبها وافترائها، وكذلك فعلت وسائل تواصلهم "اللااجتماعي"، لمجرد كونها ربما، أقول ربما، تضعنا معهم في نفس المستوى من الدونية، وهم يعلمون أكثر من غيرهم، وكذلك العالم من حولهم، أن المغاربة ليسوا بهذه "الدرجة الجزائرية الأصيلة من الغباء"، وأن الجيش المغربي لا يتورط أبداً في قضايا أوطان الغير، وأنه فقط لا غير، ممنكب بكلّيته على قضيته الوطنية الأولى، ولذلك رَبِح رهاناتِها، وما زال يحقق على طريق إنهائها انتصارات متوالية ومُبهِرة!!
نحن المغاربة، على مر التاريخ، لا نترك قضايانا عالقةً من أجل أن نورّط أنفسنا في قضايا لا نِيَقَ لنا فيها ولا جِمال، كما يفعل حكام الجزائر، الذين تركوا مواطنيهم يُدمنون على طوابير المهانة، وراحوا يحشرون أنوفهم في متاهات لا تمت لبلدهم بأي صلة!!
الغريب أنهم، دون باقي حكام العالم قاطبةً، لا يستفيدون من دروس التاريخ وعِبَرِه بسبب ذاكرتهم الذبابية، ولذلك تورطو مع "الأسد/الفأر" في سوريا؛ و"القذافي النرجسي" ثم "الدبيبة التّالف" في ليبيا؛ ومع "حزب اللات" في لبنان؛ ومع "حماس" في فلسطين التي كانت محتلة إلى غاية 7 أكتوبر 2024 من لدن الإسلامويين، وهو تاريخ "طوفان الأقصى" السينمائي الكاذب والفاشل؛ وها هم الآن يورّطون جنرالاتهم في قضايا إيران، أو بالأحرى في السلوكات العدائية والاستعدائية لإيران تجاه عَرَبِ الجِوار، وتجاه كل السُّنِّيين والعرب في مشارق الأرض ومغاربها، بل فتحوا لإيران ومخابراتها أرض "الثلاثين مليون شهيد"، على مصراعَيْها، لترتع فيها شِيعَتُهم كيف تشاء، لمجرد كسب بعض الدعم لِلُقَطائهم "إبراهيم الرخيص والأربعين حرامياً المحيطين به"!!
إنّ العالم كله، ونحن معه، نشهد الآن أيضاً، تورطاً جزائرياً جديداً في أزمة النظام التونسي، الذي لولا تدخل كابرانات الموراديا لَكان قد لَفَظ أنفاسَه منذ شهور... وغداً سينفجر الوضع في تونس، وسيظهر للعيان مدى تورط الجزائريين العسكريين والمخابراتيين فيما سيصيب تونس بدورها من الكوارث!!
بالأمس، وأول أمس، وعلى لسان أحد المعارضين الجزائريين، الجادين والملتزمين، ترددت أخبار عن تعاون جزائري إيراني تورطت فيه الجزائر حتى النخاع، شمل استقبال حكام الجزائر لكبار الضباط الإيرانيبن الذين استطاعوا الهرب بجلودهم من ضربات سلاح الجو الإسرائيلي، ومن مضايقات مخابرات الملالي خاصةً، بل تحدثت الأخبار ذاتُها عن استقبال كابرانات الموراديا لكميات معتبَرة من اليورانيوم المخصّب، والتي استطاع هؤلاء الضباط تهريبها خارج إيران... ولذلك بدأنا نسمع بعض محللي الصرف الصحي الجزائريين يتساءلون بغبائهم المعهود: "لماذا لا نمتلك نحن أيضا القنبلة النووية"... وكأنّ امتلاك قارورة من اليورانيوم المخصب كافٍ وحده لإنتاج ذلك النوع من السلاح، الذي يحتاج إلى صناعات وتجهيزات في غاية التعقيد أشك أن يكون أعلم الجزائريين على معرفةٍ بأسمائها فحسب!!
إن الذي يهمنا نحن، أيضاً، في هذا النوع من الأخبار، أنها شكلت دافعا أساسيا للتصريحات التي أدلى بها بعض ضباط الموساد الإسرائيلي، والتي تتنبأ بتوجيه ضربات جوية دقيقة للجزائر، مماثِلةٍ لتلك التي تلقتها إيران على مدى الأسبوع المنصرم!!
تُرى، لو صحت هذه الأخبار، ولو تلقت الجزائر ضربات جوية إسرائيلية بالفعل، كبف ستكون ردات فعل عجزة الموراديا؟!
هل يستطيعون أساساً القيام بأي ردة فعل ما عدا لَواذِهم بالفرار ؟!
وإذا تحقق هذا، فإلى أين سَيَسَعُهم ذلك الفرار، بعد أن أفسدوا لِلوِدِّ قضيتَه مع ماماهم فرنسا، التي يقال إنها جمدت أرصدتهم البنكية من الأموال المسروقة من مقدرات مواطنيهم، وربما فعلت فرنسا ذلك بنية استرضاء أي حكم جزائري جديد، يُحتَمَل مَجيئُه، قد يحُل محل "غير السعيد شنقريحة وطُغمَتِه الفاشلة"!!
مَن يدري... فلعل الأمر سيكون على هذا النحو بالفعل... والأيام بيننا يا جارة الشرق؟!!
محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي متقاعد