حين يعلن نتنياهو أن الهجوم على إيران يشكل فرصة غير مسبوقة لتوسيع اتفاقات أبراهام وتعزيز السلام من منطلق القوة، فهو لا يقدم عرضا سياسيا بقدر ما يكشف جوهر المشروع الإسرائيلي في المنطقة. مشروع لا يؤمن بالحوار بل يسوق القوة باعتبارها أصل التفاهم، والمنطلق الوحيد لبناء ما يسميه سلاما.
والحال أن هذا التصريح ليس إلا تكريسا لمنطق الإخضاع والتطويع وليس منطقا للسلام والتفاهم، إنه سلام تم فرضه على بعض الأنظمة تحت ضغط الجغرافيا أو المناورة أو المقابل السياسي. غير أن الشعوب التي لم تكن طرفا في التوقيع، والتي لم تقنعها لغة المصالح ولا خطاب الواقعية، كيف ستقنعها لغة الحرب والقصف والاستعلاء؟ خصوصا حين يصرح نتنياهو أن قصف منشآت نووية إيرانية يمهد الطريق لتوسيع دائرة التطبيع. إنه بذلك لا يحرج خصومه بل يحرج حلفاءه، ويعري من راهنوا على ترويج اتفاقات أبراهام على أنها مدخل للتنمية والانفتاح. فبالرغم من توقيع المغرب على الاتفاق الثلاثي، ظل الشارع حذرا ورافضا في العمق بل و مدركا للفارق بين الاعتراف بمغربية الصحراء، وبين ربط ذلك بالتحالف مع كيان يمعن في قصف الفلسطينيين ويحاصرهم في غزة ويقصف عواصم جيرانه.
إن نتنياهو يقدم هدية مجانية لكل مناهضي التطبيع مقرا بأنهم كانوا على صواب، وأن ما قاوموه منذ سنوات لم يكن مجرد اتفاق بل شق من هندسة جديدة للمنطقة عنوانها السلام لمن يخضع والشراكة لمن يقبل بتفوق إسرائيل والمكافأة لمن ينسى فلسطين. وهذا بالضبط ما لن تقبله الشعوب، لا في المغرب ولا خارجه. لأن الشعوب تعرف جيدا أن من يستعرض قوته على الآخرين اليوم، سيفرض شروطه عليها غدا.
وأن من يرى في الحرب فرصة للسلام، لا يمكن أن يكون شريكا ولا حليفا ولا حتى جارا آمنا.
ملاحظة: تصريح نتنياهو منشور