تعمل الحكومة المؤقتة لدولة القبايل المستقلة، بعد 15 سنة من تشكيلها، بتعاون وثيق، مع حركة «ماك» «حركة تقرير مصير بلاد القبايل»، ضد الساعة، وبوتيرة متسارعة وثابتة، من أجل استقلال بلاد القبايل عن الجزائر؛ فبعد إعلان زعيم الحركة فرحات مهني يوم 20 أبريل 2024، عن قيام دولة القبائل أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك؛ وبعد المسيرة التي نظمها الحركيون القبايليون قبل أكثر من 40 يوما بكندا، ووقوفهم أمام مقر منظمة العفو الدولية بشارع سانت كاترين بمونتريال، شرع نشطاء الحركة في كل من باريس ومونتريال في الإعداد لتنظيم يومين مفتوحين (يوم 14 يونيو 2025 بباريس) و(يوم 15 يونيو 2025 بمونريال)، من أجل التعريف بالدولة القبايلية وتوسيع نطاق الاعتراف الدولي بها، وإطلاع المنظمات الدولية والبعثات الديبلوماسية على القضية القبايلية وأسباب قيام دولتها.
وتراهن الحكومة القبايلية، من خلال تنظيم هذين اليومين المفتوحين، على بناء جسور وطيدة مع جميع القبايليين الذين يعيشون في فرنسا، فضلا عن البحث عن منظمات مدنية دولية داعمة وحلفاء دوليين وبعثات ديبلوماسية بوسعهم تقديم الدعم الفعلي لحق الشّعب القبائلي في تقرير مصيره، فضلا عن جلب انتباه المجتمع الدولي إلى وجود دولة جديدة يكافح أبناؤها من أجل انضمامها إلى الدول المعترف بها في الأمم المتحدة بوصفها «أمة ذات سيادة كاملة»، و«دولة مستقلة استقلالا تاما عن دولة العسكر الجزائري»، خاصة أن قيادة الجمهورية القبايلية تبذل جهودا واسعة وحثيثة من أجل إعادة بناء الوعي الوطني القبائلي على أساس «الاستقلال»، وتدويل القضية القبائلية، والكشف عن أن هناك تحت الشمس جمهورية أعلنت انفصالها عن الجزائر، وتتوفر، الآن، على جميع مقومات الدولة الحقيقية، بعد أن صادقت الحكومة المؤقتة في المنفى «أنافاد» والبرلمان القبايلي «إيمني أقفايلي»، قبل أكثر من سنتين «ماي 2022»، على «الدستور القبايلي». كما تتوفر على أرض يقيم فيها شعب يفوق تعداد سكانه 14 مليون نسمة «ما بين 25 و30 % من مجموع سكان الجزائر»، عاصمته «تيزي وزو» وحكومة في المنفى «تأسست في يونيو 2010»، وعشرة وزراء في فرنسا «أرزقي بوسعيد «وزير المؤسسات والإدارة والأمن»؛ أرزقي أيت حموك «وزير العلاقات الدولية»؛ اليزيد عبيد «وزير الاتصالات والعدل وحقوق الإنسان»؛ إيدير دجودر «وزير الاقتصاد والمالية والبيئة»؛ لحسن الزياني «وزير اللغة القبائلية والتعليم والبحث العلمي والتكوين»؛ مولود مرحاب «وزير التحاور والتحكيم مع المجتمع المدني»؛ جميلة عمكود «وزيرة الثقافة»؛ مليكة مواسي «وزيرة الصحة والتضامن»؛ مخلوف إدري «وزير الشبيبة والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة (..)، وراية وطنية وبطاقة تعريف وجواز سفر ومنتخب رياضي لكرة ورياضيين في مختلف الرياضات يشاركون تحت الراية القبائلية وممثلين للجمهورية القبائلية في بعض البلدان، وملف يتراكم يوما بعد يوم بهيئة الأمم المتحدة. إذ سبق للرئيس مهنى أن طالب بإدراج قضية «بلاد القبايل باللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار»، وتسجيل «حكومة القبايل المؤقتة» في قائمة الشعوب التي لا تتمتع بحق تقرير المصير. كما سبق له أن رفع العلم الوطني الرسمي لبلاده «جمهورية القبايل المستقلة» في الـ 11 من أكتوبر 2015، أمام مقر الأمم المتحدة، في خطوة للتعبير عن رغبة «شعب القبايل» في الاستقلال عن نظام الكابرانات الجزائري. كما سبق له أن قال إنه «لم يتبقَّ لجمهورية القبائل الفتية، آخر مستعمرة في أفريقيا وشمالها وفي المغرب الكبير، إلاّ العزم على تأسيس مؤسسات أمنية من الشرطة والدرك والجيش القبائلي وربط علاقات ديبلوماسية مع الدول».
وتستخدم «حكومة القبايل» منذ تأسيسها، كل الإمكانات المتاحة من أجل تدويل قضية القبايل، حيث سبق لها في دجنبر 2013، أن طالبت بتدخل أوروبي من أجل حلّ الأزمة الإثنية التي اندلعت في مدينة غرداية بين بني ميزاب «أمازيغ» والشعانبة «عرب». كما دعت دول الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية التي تمّ إبرامها مع الجزائر كإجراء عقابي لها.
ورغم العراقيل التي توضع أمامهم من طرف قوى خفية ومعلنة، يستمر أعضاء الحكومة القبايلية في حشد الدعم الدولي، إذ نظموا زيارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية ثم كندا، إضافة إلى بعض البلدان الأوروبية والعربية «المغرب والسعودية والإمارات والأردن ومصر..» للتعريف بالجمهورية القبايلية وحكومتها وقضيتها وتاريخها وفضح جرائم العسكر الجزائري التي ارتكبت في حق الشعب القبايلي منذ الاستقلال. كما راسل رئيس «جمهورية القبايل المستقلة» مجموعة من رؤساء الدول، بمن فيهم الملك محمد السادس وإيمانويل ماكرون «فرنسا» وبيدرو سانشيز «إسبانيا»، إضافة إلى مسؤولي مجموعة من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، بصفته الرئاسية.
ودأبت الأوليغارشيا العسكرية بالجزائر على مواجهة مطلب الاستقلال القبايلي بموجة من العنف، من قبيل تحريك آلتها الحربية «الدبابات والمدرعات» وقطع شبكة الأنترنت ومداهمة النشطاء القبايليين، وذلك لعزل شعب القبايل عن حكومته بالمنفى ومحو جذورها وإتلاف تماسكها اللغوي الثفافي والسياسي الرافض لكل أشكال الهيمنة العسكرية، وذلك عن طريق محاولة إرشاء النخبة المحلية أحيانا، والتهميش أحيانا أخرى، لكن دائما بالتنكيل بالنشطاء والمعارضين والحقوقيين والأساتذة والطلبة والزج بهم في السجون وإثارة القلاقل والأزمات والمواجهات بالمنطقة، وقمع تطلعات القبايليين إلى الاستقلال. مما دفع بالآلاف منهم إلى الهرب نحو الخارج، وتحديدا نحو فرنسا التي تضم 800 ألف قبايلي وكندا (300 ألف قبايلي) والولايات المتحدة الأمريكية (200 ألف قبايلي)، فضلا عن مجموعة من الوجهات الأوروبية الأخرى، مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا والمملكة المتحدة، وهي الدول التي توجد بها أعداد متفاوتة من القبايليين. يضاف إلى هؤلاء الممنوعون من مغادرة الجزائر الذين يصل عددهم إلى 50 ألف قبايلي، والمعتقلون (أكثر من 500 معتقل قبايلي، منهم أساتذة وباحثون ونشطاء وطلاب، كلهم خضعوا لحصص تعذيب ومحاولة الاستزلام)، إلى جانب آلاف المنتسبين إلى الحركة الذين يتحركون في الجزائر بحذر شديد ويتجنبون الإعلان عن المحتوى الحقيقي لأفكارهم، حتى لا تقع عليهم ملاحقات أجهزة الاستخبارات.
يذكر أن القبايليون، وإمعانا منهم في التمرد على النظام العسكري الجزائري الغاشم، قاطعوا الانتخابات الجزائرية التي جرت في شتنبر 2024 بنسبة (99.20%)، مما يثبت أن هذا النظام العسكري الجزائري فشل على نحو ذريع في ربط بلاد القبايل بسلطة العسكر، كما يثبت أن شعب القبايل ظل وفيا لنضالاته المتكررة منذ لحظة الاستقلال، أي منذ عام 1963، مروراً بـ «الربيع الأمازيغي» عام 1980، وانتفاضات 1985 و1988 و1994 والربيع الأسود عام 2001، وحتى حراك. 2019.
سيكون اليومان المفتوحان بكل من باريس ومونتريال، إذن، مناسبة أخرى للكشف عن ورطة الحكومة العسكرية بالجزائر، وضلوعها في محاصرة شعب، والتنكيل بأبنائه، وتذكير العالم بأن نضال الشعب القبايلي مستمر رغم موجات العنف الذي تعرض له القبايليون، ورغم إمعان الآلة العسكرية الجزائرية في التقتيل والهمجية والتطويق والاختطاف والاعتقال، بل رغم ضرب حصار إعلامي كبير عما يجري من فظاعات في بلاد القبايل..
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"