التواصل.. إدارة الأمن ترسخ جسور الثقة مع المواطن

التواصل.. إدارة الأمن ترسخ جسور الثقة مع المواطن مديرية الأمن تعمل على ترسيخ الثقة مع المواطنين عبر تعزيز قنوات التواصل
للتمييز‭ ‬بين‭ ‬مرحلتين‭ ‬عاشتهما‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الطرح‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬«الخط‭ ‬المفتوح»‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬المنتجة‭ ‬للأمن‭ ‬والمواطن‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬تلبية‭ ‬وتحقيق‭ ‬حاجياته‭ ‬الأمنية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وضع‭ ‬أمني‭ ‬عام‭ ‬يتسم‭ ‬بتزايد‭ ‬التحديات‭ ‬وتعقّد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬والمجتمعات‭.‬
 
لقد‭ ‬اختارت‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬بالمغرب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإصغاء،‭ ‬ووضع‭ ‬عناصر‭ ‬«إصلاح‭ ‬تواصلي»‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬«ثورة»‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والإدارة‭ ‬الأمنية،‭ ‬وذلك‭ ‬تمهيدا‭ ‬للحظة‭ ‬التطبيع‭ ‬الحاسم‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬حدود‭ ‬فاصلة‭ ‬وقاطعة‭ ‬بينهما،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق‭.‬
 
فمنذ‭ ‬تعيين‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭ ‬مديرا‭ ‬عاما‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2015‭ ‬(بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسؤوليته‭ ‬كمدير‭ ‬لجهاز‭ ‬«الديستي»)،‭ ‬شهدت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬تحولًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬التواصلية،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬وطني‭ ‬يتسم‭ ‬بتعاظم‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمحاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬وحماية‭ ‬الاستقرار،‭ ‬حيث‭ ‬اهتمت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬بإعادة‭ ‬رسم‭ ‬صورتها‭ ‬لدى‭ ‬المواطن:‭ ‬ليست‭ ‬سلطة‭ ‬غامضة‭ ‬أو‭ ‬قمعية‭ ‬أو‭ ‬ضبطية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬مكونا‭ ‬مدنيا‭ ‬فاعلا‭ ‬وحاضرا‭ ‬ومستعدا‭ ‬للتفاعل‭ ‬والتواصل‭ ‬ومد‭ ‬الجسور،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬المتتبع‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬أخرى‭ ‬للنظر‭ ‬والتقييم،‭ ‬تتصل‭ ‬كلها‭ ‬بالمتغير‭ ‬الأمني‭ ‬وبروز‭ ‬الفاعل‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬الوظائف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭.‬
 
تأسيسا‭ ‬على‭ ‬الطفرة‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم،‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أدوات‭ ‬جديدة‭ ‬للتواصل،‭ ‬بما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬«الأمن‭ ‬المواطن»‭ ‬وضرورات‭ ‬الحكامة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬أصبح‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬باتت‭ ‬تُدرك‭ ‬أهمية‭ ‬الحضور‭ ‬الرمزي‭ ‬والمعرفي‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي‭ ‬الرقمي،‭ ‬عبر‭ ‬خطاب‭ ‬يُراهن‭ ‬على‭ ‬المصداقية؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تترجمه‭ ‬الصفحة‭ ‬الرسمية‭ ‬للمديرية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬أداة‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والتصريحات،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬حضور‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬بلغة‭ ‬موجهة‭ ‬لكافة‭ ‬الفئات،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭  ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬(التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬«معلومة‭ ‬مغلوطة»،‭ ‬بل‭ ‬تُستخدم‭ ‬أحيانًا‭ ‬أداة‭ ‬للضغط‭ ‬أو‭ ‬الابتزاز)‭ ‬تعتبر‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬تواصلية‭ ‬مضادة،‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث،‭ ‬بل‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬سردية‭ ‬أمنية‭ ‬استباقية،‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬السرعة‭ ‬والشفافية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وذلك‭ ‬للتوضيح‭ ‬وكشف‭ ‬الحقائق،‭ ‬والتدخل‭ ‬الفوري‭ ‬لدحض‭ ‬الإشاعات،‭ ‬وتمحيص‭ ‬المعلومات،‭ ‬نفيا‭ ‬وتأكيدا،‭ ‬كلما‭ ‬ارتبط‭ ‬الأمر‭ ‬بأخبار‭ ‬تتعلق‭ ‬بقضايا‭ ‬زائفة‭ ‬يشكل‭ ‬نشرها‭ ‬وترويجها‭ ‬خطرا‭ ‬أمنيا‭ ‬عاما:‭ ‬«جرائم،‭ ‬اعتقالات،‭ ‬حالات‭ ‬تعذيب‭ ‬مزعومة،‭ ‬أو‭ ‬تحركات‭ ‬إرهابية»‭. ‬
 
وتمثل‭ ‬البلاغات‭ ‬الأمنية‭ ‬الموجهة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬طفرة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬المعلومة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الالتباس،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬تتم‭ ‬بصيغة‭ ‬رسمية‭ ‬واضحة‭ ‬وسريعة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬اتسامها‭ ‬بنبرة‭ ‬مهنية‭ ‬تقدم‭ ‬المعطى‭ ‬الأمني‭ ‬الدقيق‭ ‬دون‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬قد‭ ‬تضر‭ ‬بالتحقيقات‭ ‬الجارية‭. ‬وتعمم‭ ‬تلك‭ ‬البلاغات‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعلى‭ ‬وكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء،‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الإعلام‭ ‬الذاتي‭ ‬والإعلام‭ ‬الشريك‭. ‬كما‭ ‬يلعب‭ ‬حساب‭ ‬المديرية‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬فيسبوك‭ ‬دورا‭ ‬مباشرا‭ ‬وحاسما‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬الإشاعات‭ ‬والأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬أو‭ ‬المغرضة‭ ‬أو‭ ‬المضللة،‭ ‬إما‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬البلاغات،‭ ‬وإما‭ ‬بنشر‭ ‬نصوص‭ ‬قصيرة‭ ‬وفيديوهات‭ ‬موجهة‭ ‬لعموم‭ ‬المواطنين،‭ ‬بلغة‭ ‬بسيطة‭ ‬ومقنعة‭ ‬تروم‭  ‬استباق‭ ‬الإشاعة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتشر،‭ ‬كما‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬ثقة‭ ‬مع‭ ‬المواطن،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬المرتبطة‭ ‬باتساع‭ ‬استعمال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬الخبر،‭  ‬وخاصة‭ ‬عبر‭ ‬منصتي‭ ‬«واتساب»‭ ‬أو‭ ‬«تيك‭ ‬توك»،‭ ‬مما‭ ‬يقلص‭ ‬مساحة‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬بين‭ ‬الإشاعة‭ ‬البسيطة‭ ‬والحرب‭ ‬الإعلامية‭ ‬الموجهة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمنية‭  ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دائم‭ ‬داخل‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي،‭ ‬مدافعًا‭ ‬عن‭ ‬شرعيته‭ ‬ومهنيته،‭ ‬ومواكبا‭ ‬للتحولات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة‭. ‬كما‭ ‬فرض‭ ‬عليها‭ ‬العمل‭ ‬بنظام‭ ‬«الناطق‭ ‬الرسمي»‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬القاعدة‭ ‬العامة‭ ‬لفلسفة‭ ‬عمل‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬هي‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر،‭ ‬والاستثناء‭ ‬هو‭ ‬«تقييدات‭ ‬النشر»‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسرية‭ ‬الأبحاث،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬الحميمية،‭ ‬وحماية‭ ‬المعطيات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الشخصي،‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬تفعيلا‭ ‬لمبدأ‭ ‬أن‭ ‬«الأصل‭ ‬هو‭ ‬التواصل»،‭ ‬وأن‭ ‬الأصل‭ ‬هو‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬«الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة»‭.‬
 
إن‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬والمواطن‭ ‬يشكل‭ ‬الآن‭ ‬ثقافة‭ ‬عضوية‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬نسق‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والأفكار‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬تبادر،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2017،‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬«الأبواب‭ ‬المفتوحة»‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمني‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬فرعوني‭ ‬مغلق‭ ‬ومحاط‭ ‬بهالة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬عمومي‭ ‬غايته‭ ‬خدمة‭ ‬المواطنين‭. ‬
 
وتهدف‭ ‬الأبواب‭ ‬المفتوحة،‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬فلسفتها،‭ ‬إلى‭ ‬تقريب‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الشرطة،‭ ‬وإبراز‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن،‭ ‬وتقديم‭ ‬صورة‭ ‬شفافة‭ ‬عن‭ ‬المؤسسة‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬المغربية،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬«تنقلها‭ ‬الجغرافي»‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬مدن‭ ‬مختلفة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬المتوازن‭ ‬واللامركزي،‭ ‬ويطرح‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مضمرات‭ ‬اختيار‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭. ‬فمن‭ ‬البيضاء‭ ‬إلى‭ ‬مراكش،‭ ‬ثم‭ ‬طنجة‭ ‬وفاس‭ ‬وأكادير،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الرباط،‭ ‬ثم‭ ‬الجديدة،‭ ‬حرصت‭ ‬المديرية‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬الثقة،‭ ‬ودمقرطة‭ ‬الحضور‭ ‬الأمني،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الاختيار‭ ‬الجغرافي‭ ‬للمدن‭ ‬المستضيفة‭ ‬للأبواب‭ ‬المفتوحة‭ ‬ليس‭ ‬اعتباطيًا،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬إلى‭ ‬الهامش،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬وتمثيلها‭ ‬الجهات‭ ‬«الجنوب،‭ ‬الشمال،‭ ‬الوسط،‭ ‬الداخل»،‭ ‬وإدماج‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والمجتمعي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأثر‭ ‬للحضور‭ ‬المباشر‭ ‬لرجال‭ ‬ونساء‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬الأمنية‭. ‬ففي‭ ‬طنجة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬برز‭ ‬البُعد‭ ‬الحدودي‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬أوروبا؛‭ ‬وفي‭ ‬فاس،‭ ‬تجسدت‭ ‬رمزية‭ ‬العاصمة‭ ‬العلمية‭ ‬والتقليدية؛‭ ‬أما‭ ‬أكادير،‭ ‬فمثلت‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭ ‬المغربي،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمجالات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬خارج‭ ‬دوائر‭ ‬المبادرات‭ ‬الأمنية‭ ‬الرمزية؛‭ ‬كما‭ ‬مثلت‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬رهانا‭ ‬أمنيا‭ ‬متحركا‭ ‬يقتضي‭ ‬بلورة‭ ‬مخطط‭ ‬متكامل‭ ‬وعمل‭ ‬نظامي‭ ‬شامل‭ ‬لأنها‭ ‬الوجه‭ ‬«الاقتصادي»‭ ‬للمغرب‭ ‬والحاضنة‭ ‬لأكبر‭ ‬تجمع‭ ‬ديمغرافي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬
 
لاشك،‭ ‬إذن،‭ ‬أن‭ ‬«الأبواب‭ ‬المفتوحة»‭ ‬تمثل‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬جريئة‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬والمواطن‭ ‬اللذين‭ ‬كانت‭ ‬علاقتها‭ ‬محكومة‭ ‬بمسافة‭ ‬أملاها‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬نهاية‭ ‬للانحصار‭ ‬والتأزم‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما،‭ ‬مما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬«جهازا‭ ‬أبكم»،‭ ‬بل‭ ‬فاعلا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬ومؤسساتيا‭ ‬ومواطنا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي،‭ ‬وفي‭ ‬الحوار‭ ‬المدني‭. ‬كما‭ ‬أثبت‭ ‬انتظامها‭ ‬وانتقالها‭ ‬الجغرافي‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حدث‭ ‬للترويج‭ ‬المؤسسي‭ ‬أو‭ ‬استعراضا‭ ‬عابرا‭ ‬للعضلات،‭ ‬بل‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬مواطني‭ ‬بامتياز،‭ ‬يتيح‭ ‬للناس‭ ‬معاينة‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬وفهم‭ ‬أدوارها‭ ‬المتعددة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬السلبية‭ ‬المتوارثة،‭ ‬ويعيد‭ ‬رسم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والمؤسسات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬«العناق‭ ‬بذراعين‭ ‬مفتوحتين»‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬الريبة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭.‬