أكد رأي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول موضوع:
"الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة: من أجل مقاربة أكثرَ ملاءمَةً، مبتكَرَة، دامِجَة، مستدامة، وذاتِ بُعْدٍ ترابي" على أهمية جعل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة أولوية استراتيجية ضمن السياسات الفلاحية والقروية الوطنية، اعتباراً للوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تضطلع بها، والتي يُمْكِنُ تطويرها بالرهان على هذا النمط الفلاحي.
وأفاد الرأي الذي قدم مخرجاته عبد القادر عمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اليوم الأربعاء 14 ماي 2025 أن الطموح المنشود هو تحويل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة إلى قطاع أكثر إنتاجية وإدماجاً واستدامة، وذلك من خلال تعزيزِ اندماجِها في سلاسل القيمة، وقدرتِها التفاوضية في الأسواق، ومساهمتِها في استقرار الساكنة القروية، وتحسين الدخل، والحفاظ على النظم البيئية.
ولبلوغ هذا الطموح، أوصى المجلس بوضع خطة عمل خاصة بهذا النمط الفلاحي تأخذ في الاعتبارِ خصوصياتِ كُلِّ مجالٍ ترابي، تتضمن هذه الخُطة إجراءاتٍ للدعم يتجاوز نطاقها الأنشطة الفلاحية لتشمل مواصلة تطوير البنيات التحتية الملائمة، وتنويع الأنشطة المدرة للدخل، وتحسين الولوج إلى الخدمات العمومية.
وفي هذا الأفق، أوصى المجلس بجُمْلَة من التوصيات ذاتِ الأولوية التي مِن شأنها المساهمةُ في بلورةِ وتفعيلِ خطة العمل المُقترحة، من قبيل:
1- تشجيع الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين على اعتماد ممارسات فلاحية مستدامة، من قبيل تناوب المحاصيل (la rotation des cultures) والزَّرْع المباشر (le semis direct) والترشيد الأمثل للري وتنويع الزراعات.
2- العمل، مع مراعاة الخصوصيات الفلاحية - الإيكولوجية لكل منطقة، على تطوير زراعات مقاومة للتغيرات المناخية وذات قيمة مضافة عالية واستهلاك منخفض للمياه، من قبيل الزعفران، والأركان، والكبار(le câprier)، والصبار(le cactus)، بالإضافة إلى النباتات العِطْرية والطبية(les plantes aromatiques et médicinales). ومن شأن ذلك أن يُكمّل الزراعات التقليدية مثل الحبوب (القمح، الشعير)، والفواكه والخضروات، والأشجار، وكذا أنشطة تربية الماشية (الأغنام، الماعز...)، وتربية النحل، وغيرها.
3- تعزيزُ انتظام الاستغلاليات الفلاحية العائلية الصغيرة والمتوسطة في إطار تعاونيات ومجموعات ذات نفع اقتصادي (groupements d’intérêt économique (GIE) وجمعيات، من أجل تَعْضِيدِ مواردها، وتحسين قدرتها التفاوضية، والاسترشاد بالتجارب الناجحة على الصعيد الوطني والدولي في التنظيم الفلاحي. وسيمكن هذا الانتظام من تقليص حجم وأثر الوسطاء، وتسهيل تطوير مسارات تسويق قصيرة (circuits courts de commercialisation) والنهوض بتجارة القرب (commerce de proximité)، بما يتيح للاستغلاليات العائلية ولوجا أفضل إلى الأسواق المحلية والجهوية.
4- تهيئة فضاءاترعوية في إطارتعاوني، لفائدة الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين، مع الحرص على استغلالها وفق مبدأ التناوب، وذلك بما يكفل المحافظة على الموارد النباتية وتجنب الرعي الجائر مع ترصيد التجارب الناجحة في هذا المجال.
5- مواصلةُ وتعزيز دعم الكسابة الصغار والمتوسطين للمحافظةِ على السلالاتِ المحليةِ من الماشية في مجالاتها الترابية،وتأطيرهم وتقويةِ قدراتِهم في عمليّات التهجينِ معَ سُلالات مستوردةٍ ذاتِ مردوديّة مرتفعةٍ وملائمة للظروفِ المحليّة، وذلكَ للإسهامِ بفعاليّةٍ في إعادةِ تشكيل القطيعِ الوطنيِّ والارتقاءِ بجودتِهِ.
6- تعزيزُتحويلِ المنتجاتِ، ذات الأصلِ النباتي والحيوانيّ المتأتية من خلالِ تشجيعِ إنشاءِ وتطوير ِوحدات صناعيّةٍ محليّة صغيرةٍ. وستتيح هذه الوحدات تثمينِ الإنتاجِ المحليّ،وتعزيزِمسارات التسويقِ القصيرة، وإنعاشِ الاقتصاد القروي.
7- تعزيز آلية الاستشارة الفلاحية لفائدةِ الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، من خلال رفعٍ ملموس لعددِ الموارد البشرية لتَدَارُك الخَصَاص، وتحسينِ جودةِ المواكبةِ المقدَّمةِ في هذا الميدان، تحسين ولوج الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين إلى التمويل، من خلال تطوير آليات مبتكرة وملائمة لاحتياجاتهم (التمويل التضامني (finance solidaire)، إعانات ومساعدات قائمة على الاستهداف، وغير ذلك).
8- الاعتراف بالوظائف البيئية للفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة وتثمينها، من خلال إدماج مساهماتها لفائدة النظم البيئية (contributions écosystémiques) في السياسات الفلاحية والقروية وتطويرِ آلياتٍ ماليّةٍ مشجعة لدعمِ المبادراتِ الراميةِ إلى صيانةِ المناظرِ الطبيعيّةِ، ومكافحةِ التصحّرِ، والحفاظِ على التربةِ، وحماية التراثِ الطبيعي والثقافي.