جمال أقشباب: زاكورة بحاجة إلى تحرك سياسي جاد واستثمارات مائية لحماية الساكنة

جمال أقشباب: زاكورة بحاجة إلى تحرك سياسي جاد واستثمارات مائية لحماية الساكنة جمال‭ ‬أقشباب،‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬البيئة‭ ‬بإقليم‭ ‬زاكورة
أكد‭ ‬جمال‭ ‬أقشباب،‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬البيئة‭ ‬بإقليم‭ ‬زاكورة،‭ ‬أن‭ ‬الإقليم‭ ‬عاش‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬الحاد‭ ‬من‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من ‭ ‬2014إلى  2024 ، مما ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬خصاص‭ ‬وعجز‭ ‬مائي‭ ‬خطير،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬هلاك‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬ومعاناة‭ ‬كبيرة‭ ‬للسكان‭ ‬مع‭ ‬ندرة‭ ‬المياه‭. ‬

وأوضح‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬ل‭"‬أنفاس ‬بريس"‬،‭ ‬أن‭ ‬التساقطات‭ ‬المطرية‭ ‬والفيضانات‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬الإقليم‭ ‬منذ‭ ‬خريف‭ ‬2024‭ ‬وحتى‭ ‬ربيع ‬2025، ساهمت‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬السطحية‭ ‬والباطنية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الكافية‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬المائية‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ضياع‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭.‬

وشدد‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬البيئة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الراهنة‭ ‬تتطلب‭ ‬وجود‭ ‬لوبي‭ ‬سياسي‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭. ‬فبدون‭ ‬تحرك‭ ‬سياسي‭ ‬جاد،‭ ‬ستضيع‭ ‬حقوق‭ ‬الفلاحين،‭ ‬وسيبقون‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬أخطار‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬دعم‭. ‬محذرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬غياب‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬التنموية‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬نحو‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يرافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬توسع‭ ‬الأحياء‭ ‬العشوائية‭ ‬وضياع‭ ‬فرص‭ ‬استقرار‭ ‬السكان‭  ‬في‭ ‬مناطقهم‭ ‬الأصلية‭.‬
 

"عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬(2014-2024) التي‭ ‬شهدها‭ ‬إقليم‭ ‬زاكورة،‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬خصاص‭ ‬مائي‭ ‬كبير‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬عجز‭ ‬مائي،‭ ‬مما‭ ‬شكل‭ ‬خطرًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬المائي،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬هلاك‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الجماعات‭ ‬الترابية‭ ‬مع‭ ‬ندرة‭ ‬المياه‭.‬

وفي‭ ‬خريف‭ ‬2024،‭ ‬عاد‭ ‬الامل‭ ‬إلى‭ ‬الإقليم‭ ‬إثر‭ ‬التساقطات‭ ‬المطرية‭ ‬والفيضانات‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬إقليم‭ ‬زاكورة،‭ ‬والتي‭ ‬تواصلت‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬خلال‭ ‬ربيع‭ ‬2025‭. ‬ومؤخرًا،‭ ‬شهدت‭ ‬مدينة‭ ‬زاكورة‭ ‬أمطارًا‭ ‬طوفانية‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالتبروري،‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬دقائق،‭ ‬مما‭ ‬حوّل‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬فيضانات‭ ‬عارمة‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬أنعشت‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬السطحية‭ ‬والباطنية‭ ‬وأدخلت‭ ‬السرور‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬الفلاحين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬للأسف‭ ‬تضيع‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭. ‬ويُعزى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬وضعف‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬المائية،‭ ‬مثل‭ ‬السدود‭ ‬التلية‭ ‬والسدود‭ ‬المتوسطة،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعبئة‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬وحسن‭ ‬استغلالها‭.‬

ورغم‭ ‬مساهمة‭ ‬التساقطات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬إنعاش‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حسن‭ ‬تدبير‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬وتوجيهها‭ ‬نحو‭ ‬الزراعات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬زراعة‭ ‬النخيل،‭ ‬يبقى‭ ‬مطلبًا‭ ‬ملحًا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬استنزاف‭ ‬كبير‭ ‬لهذه‭ ‬المياه‭ ‬مجددًا‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬البطيخ‭ ‬الأحمر،‭ ‬رغم‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬عاملي‭ ‬يقنن‭ ‬هذه‭ ‬الزراعة‭. ‬وبحسب‭ ‬مصادر‭ ‬موثوقة،‭ ‬هناك‭ ‬انتشار‭ ‬واسع‭ ‬لزراعات‭ ‬البطيخ‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬إقليم‭ ‬زاكورة‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الأمطار‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أمطار‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬01‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬الإقليم،‭ ‬كانت‭ ‬مهمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المتابعين‭ ‬يلاحظون‭ ‬بوضوح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬تتجه‭ ‬وتضيع‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء،‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬مائية‭ ‬قوية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬تسببت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬إتلاف‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬البطيخ‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬الإقليم‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬اليوم‭ ‬مرافعة‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمنشآت‭ ‬المائية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يُعقل‭ ‬أن‭ ‬تضيع‭ ‬هذه‭ ‬الكميات‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬سواء‭ ‬لدعم‭ ‬الزراعة‭ ‬أو‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬المائي،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬المائية‭.‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأمطار‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مصحوبة‭ ‬بالبرد‭ ‬خلفت‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬حيث‭ ‬تضررت‭ ‬الطرقات،‭ ‬وشبكات‭ ‬الاتصالات،‭ ‬والكهرباء‭. ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬لهذه‭ ‬التساقطات‭ ‬انعكاسات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬المساحات‭ ‬المزروعة‭ ‬بالبطيخ،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬منطقتي‭ ‬الفيجة‭ ‬والمعيدر،‭ ‬اللتين‭ ‬كانتا‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭.‬

للأسف‭ ‬الشديد،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الفلاحون‭ ‬مؤمَّنين‭ ‬تأمينًا‭ ‬فلاحيًا،‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬معاناتهم‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فلاحي‭ ‬إقليم‭ ‬زاكورة،‭ ‬عبر‭ ‬تاريخه،‭ ‬لم‭ ‬يستفيدوا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬الوقائع،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تستفد‭ ‬مناطق‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الإقليم‭ ‬رغم‭ ‬تعرضها‭ ‬لخسائر‭ ‬جسيمة‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الجفاف‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬هلاك‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل،‭ ‬المورد‭ ‬الأساسي‭ ‬لعيش‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُعطى‭ ‬الأولوية‭ ‬لدعم‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬المتضررة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الاستفادة‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬بفعل‭ ‬قوة‭ ‬اللوبيات،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬غيابًا‭ ‬واضحًا‭ ‬للعدالة‭ ‬المجالية‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الدعم‭ ‬والمساعدات‭.‬

اليوم،‭ ‬يعيش‭ ‬الفلاحون‭ ‬مرحلة‭ ‬تقييم‭ ‬خسائرهم‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬الدعم‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحّة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬لوبي‭ ‬سياسي‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭. ‬فبدون‭ ‬تحرك‭ ‬سياسي‭ ‬جاد،‭ ‬ستضيع‭ ‬حقوق‭ ‬الفلاحين،‭ ‬وسيبقون‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬أخطار‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬دعم‭.‬

للأسف،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬لاستقرار‭ ‬السكان‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬هشاشة‭ ‬كبيرة‭ ‬أمام‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬مما‭ ‬يدفع‭ ‬نحو‭ ‬خيار‭ ‬شبه‭ ‬وحيد،‭ ‬وهو‭ ‬الهجرة‭ ‬المكثفة‭ ‬نحو‭ ‬المناطق‭ ‬الشمالية‭ ‬والمدن‭ ‬الكبرى،‭ ‬حيث‭ ‬تتوسع‭ ‬الأحياء‭ ‬العشوائية‭ ‬في‭ ‬ضواحي‭ ‬المدن‭ ‬بفعل‭ ‬هذا‭ ‬النزوح‭ ‬الجماعي‭.‬