الرباط - سلا - القنيطرة: جهة  في طور التحول بين التراث والحيوية الاقتصادية والطموحات السياحية 

الرباط - سلا - القنيطرة: جهة  في طور التحول بين التراث والحيوية الاقتصادية والطموحات السياحية  منظر بارونامي من مدينة الرباط
تعتبر الرباط-سلا-القنيطرة العاصمة السياسية والثقافية للمغرب، وهي تفرض نفسها الآن كوجهة سياحية من الطراز الأول، معترف بها على المستوى الدولي. 
 
منذ سنة  2012 تم تسجيل الرباط ضمن التراث العالمي لليونسكو تحت عنوان "الرباط، مدينة عصرية وتاريخية: تراث مشترك".تجسد المدينة الانسجام بين الموروث والحداثة، كما أن  البرنامج المرموق "الرباط مدينة الأنوار، العاصمة المغربية للثقافة"،  يحول العاصمة إلى قطب ثقافي،  يهدف إلى إعادة تأهيل الفضاءات التراثية، وتطوير التجهيزات الثقافية، وتعزيز الجاذبية الحضرية لتوفير إطار عيش ذي جودة عالية، موجّه نحو الفن والتاريخ. 
 
يمكن للزوار استكشاف مواقع رمزية مثل قصبة الأوداية، وصومعة حسان المهيبة، وضريح محمد الخامس الجليل، الذي يعد مكانًا حقيقيًا للذاكرة الوطنية. 
 
يمكن لزوار الرباط  الانغماس  في حديقة الاختبارات النباتية الرائعة، وهي فضاء للتنوع البيولوجي والتوعية البيئية، أو التجول في حديقة الحسن الثاني، وهي مساحة خضراء شاسعة مخصصة للرياضة، والترفيه، واللقاءات العائلية. 
 
تمتد التجربة الثقافية مع إعادة اكتشاف الموقع الأثري شالة، الذي تم تجديده حديثًا وأصبح الآن مزودًا بنموذج جديد للإدارة يجمع بين الحفظ، والتثمين حيث  يفتح هذا المكان المشحون بالتاريخ أبوابه أمام الجمهور لمعرفة المزيد عن الإرث متعدد الثقافات في المنطقة. 
 
لكن التراث لا يقتصر على العاصمة فقط. فسلا، المدينة الشقيقة للرباط، تكشف عن إمكانات تاريخية وثقافية استثنائية. فمدينتها العتيقة المحفوظة، وأسوارها العتيقة، ومساجدها التاريخية، وحرفها اليدوية التي لا تزال حية، تجعل منها كنزًا مخفيًا حقيقيًا، يوفر انغماسًا أصيلًا في الماضي المجيد للساحل الأطلسي المغربي. 
 
سياحة الأعمال في صلب الطموحات الإقليمية 
تمكنت الرباط من ترسيخ دورها كقطب استراتيجي لسياحة الأعمال من خلال الاعتماد على بنيات تحتية رائدة مثل المركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس، وعرض فندقي فاخر في توسع مستمر، ومساحات للعمل المشترك المبتكرة مثل تكنوبارك. 
 
و بفضل استضافتها المنتظمة للمعارض المهنية، والمنتديات الاقتصادية، واللقاءات الدبلوماسية، تؤكد العاصمة نفسها كمركز لا غنى عنه للمستثمرين والشركات. 
 
تعزز هذه الدينامية الدعم النشط للمؤسسات المحلية، لا سيما الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، وآليات دعم ريادة الأعمال مثل "انطلاقة"، ومرافقة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتي تساهم في هيكلة نظام ملائم للاستثمار. 
وبالتالي، تفرض الرباط نفسها كقوة سياحية وطنية ودولية، من المتوقع أن تلعب دورًا رئيسيًا في الأحداث الكبرى القادمة، مثل كأس الأمم الأفريقية 2025، وكأس العالم 2030، والمعرض الدولي للكتاب، والعديد من المهرجانات ذات الشهرة العالمية. 
 
فن عيش أصيل، بين الدواقة الراقية والاستدامة 
تسحر جهة الرباط-سلا-القنيطرة بفن عيشها الأصيل والكريم، كما تتميز الجهة بتراثً غذائي غني، متجذر في التقاليد ومتوج بتنوع المنتجات المحلية، حيث  تتميز الأذواق بتخصصات محلية مثل زيت الزيتون ، والعسل المعطر، والأعشاب العطرية، وغيرها من الأطباق الشهية. يتم تسليط الضوء على هذه الكنوز الغذائية سواء في موائد الفنادق والمطاعم الفاخرة أو في أكشاك الأسواق التقليدية. كما  تلتزم الجهة بالانخراط الحازم   بمسار السياحة المستدامة، حيث يعكس هذا الالتزام الانتشار المتزايد للإيواء البيئي، والمزارع التربوية، والمبادرات الصديقة للبيئة في قطاع الضيافة والمطاعم. و تتبنى المؤسسات تدريجياً ممارسات أكثر استدامة، من حيث اعتماد آليات تهدف إلى  تقليل النفايات، استخدام المنتجات المحلية و  الحد من التأثير البيئي...وهي  كلها إجراءات تستجيب لتوقعات زبناء دوليين يزدادون حرصًا على الحفاظ على الموارد الطبيعية.
 
دينامية سياحية في نمو متصاعد، بدعم من الأسواق الدولية 
بفضل استراتيجيتها التنموية الطموحة وعرضها السياحي المتنوع، تشهد جهة الرباط-سلا-القنيطرة  نموًا مطردًا في نشاطها السياحي. حيث تؤكد أرقام الربع الأول من عام 2025 هذا الاتجاه الإيجابي. 
 
فقد سجلت الرباط  121,186 وافدًا و235,000 ليلة مبيت، مسجلة زيادات نسبتها 7% و3% على التوالي مقارنة بالعام السابق. و يُعزى هذا التقدم إلى حد كبير إلى الأسواق الدولية، مع زيادات ملحوظة من فرنسا (+9%)، وألمانيا (+8%)، وأسواق ناشئة أخرى أظهرت تقدمًا مذهلاً بنسبة +53%. 
 
ويتميز قطاع السياحة الفاخرة بشكل خاص، حيث سجلت الفنادق الفاخرة زيادة بنسبة +104% في عدد الوافدين، مما يؤكد جاذبية الوجهة لدى الزبناء الدوليين الأكثر تطلبًا. 
 
وعلى الرغم من أن شهر رمضان قد تسبب  في تباطؤ طفيف في الوافدين المحليين، إلا أن هذه الفترة عوّضتها أداءات استثنائية لأسواق استراتيجية. 
 
وهكذا، ساهمت دول مثل تركيا (+996%)، والصين (+46%)، والإمارات العربية المتحدة (+296%) بشكل كبير في دعم معدل الإشغال، مما يدل على اتساع شهرة المنطقة على الساحة الدولية. 
 
و هنا لابد التأكيد أن هذه الدينامية هي نتيجة سياسة استباقية للترويج، وبرنامج فعاليات جذاب، وعرض يجمع بامتياز بين الثقافة والأعمال والطبيعة والاستدامة. 
 
وتضع الرباط-سلا-القنيطرة نفسها ليس فقط كفاعل رئيسي في السياحة الوطنية، ولكن أيضًا كوجهة تزداد إقبالاً عليها من الأسواق الأجنبية، الباحثة عن الأصالة والتجارب الجديدة. 
 
قطاع الفنادق: تنوع وارتقاء في المستوى 
لمواكبة نمو الإقبال السياحي والاستجابة لتوقعات زبناء متنوعين بشكل متزايد، تعمل الرباط-سلا-القنيطرة على تطوير عرض فندقي منظم ومتطور باستمرار. 
 
و تضم الجهة اليوم 116 مؤسسة فندقية، تمثل أكثر من 5,900 غرفة، موزعة بين فنادق فاخرة، ومنشآت متوسطة المدى، وبيوت ضيافة، وشقق فندقية. كما تعزز العلامات التجارية المرموقة الموجودة بالفعل، مثل فور سيزونز، وفيرمونت لا مارينا الرباط-سلا، وكونراد الرباط أرزانا، وريتز كارلتون الرباط، وماريوت، مكانة الرباط كوجهة قوية في سوق الضيافة الفاخرة دوليًا، حيث تشهد هذه المؤسسات الرمزية على صعود الرباط كعاصمة مغربية للفخامة الفندقية.  
 
كما سيستمر هدا الوهج قريباً، مع افتتاح فندق برج محمد السادس، الذي سيحمل توقيع فندق والدورف أستوريا الرباط-سلا الفاخر. حيث سيصبح هذا العنوان الاستثنائي، الموجه نحو الأناقة والخصوصية، أحد الرموز الجديدة للضيافة الفاخرة في المنطقة. وفي إطار هذه الدينامية، سيضيف مشروع رويال منصور الرباط-بورقراق المنتظر بُعداً إضافياً. فإلى جانب تجسيده لأقصى درجات أناقة الضيافة المغربية، سيضم هذا الفندق الفاخر أكاديمية مخصصة لتكوين الكفاءات، مشاركاً بشكل فعال في تطوير مهارات محترفي القطاع ومعززاً صورة الرباط كمركز للتميز في مجال الضيافة والسياحة. 
 
و تتمحور استراتيجية تطوير القطاع الفندقي حول ثلاثة محاور رئيسية: 
* تعزيز قطاع الفخامة والرفاهية، مع علامات دولية شهيرة مثل هيلتون (فندق بن حم)، إنتركونتيننتال و باليما ، بالإضافة إلى كاروسيل.
* تقوية قطاع الفنادق متوسطة المستوى، لتوفير خيارات مناسبة لمسافري الأعمال والإقامات الترفيهية.
* تنويع العرض البديل، بما في ذلك الشقق الفندقية وبيوت الضيافة المصنفة المخصصة للإقامات الطويلة والتجارب الأكثر تخصيصاً. 
 
 
تحول فندقي، رياضي، ثقافي وفعالياتي لخدمة الجاذبية الدولية 
في سياق تنافسي دولي قوي، تؤكد الرباط-سلا-القنيطرة بقوة عزمها على أن تتربع بين الوجهات الأكثر طلباً في إفريقيا وحوض المتوسط. 
 
وتعتمد هذه الطموحات على مقاربة شاملة تجمع بين التطور الفندقي، التهيئة الحضرية، التعريف بالتراث الثقافي واستضافة الأحداث الدولية الكبرى. كما يشكل تحول المشهد الفندقي أبرز مثال على ذلك. 
 
مع 27 مشروعاً فندقياً قيد التطوير، تستعد جهة الرباط سلا القنيطرة ، لرفع طاقتها المستقبلية إلى ما يقارب 2000 غرفة إضافية وأكثر من 4300 سرير. كما تشهد مناطق استراتيجية جديدة مثل السويسي، أكدال، حسان ويعقوب المنصور ظهور مؤسسات فاخرة.
 
وبالتوازي مع ذلك، يتنوع العرض ليلائم جميع شرائح الزبائن، من فنادق 3 و4 نجوم إلى الشقق الفندقية وبيوت الضيافة الأنيقة، الملائمة للإقامات الطويلة والمسافرين الباحثين عن تجارب مخصصة. 
 
وتدعم هذه الدينامية الفندقية مشاريع بنية تحتية كبرى وتنظيم فعاليات ضخمة تضمن للجهة  حضوراً دولياً متنامياً. 
كما ستساهم كأس الأمم الإفريقية 2025، كأس العالم 2030، كما ساهم  المعرض الدولي للكتاب، بالإضافة إلى العديد من المهرجانات الثقافية والفنية، في تعزيز جاذبية الوجهة بينما تحفز الطلب.  
 
بنيات تحتية رياضية في مستوى الطموحات الدولية 
تحضيراً للمواعيد الكبرى القادمة، خاصة كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، قامت الجهة  باستثمارات مهمة لتحديث منشآتها، حيث أصبحت  خمسة ملاعب ذات مواصفات دولية جاهزة الآن لاستقبال المنافسات والفعاليات، مما يعزز مكانة الرباط-سلا-القنيطرة كأرض للرياضة والعروض. 
 
مساحات خضراء في صلب الاستراتيجية الحضرية 
لن يكتمل تحول الرباط دون التزامها المثالي بإطار العيش والبيئة,، فتطوير المساحات الخضراء، مثل حديقة الاختبارات النباتية، وحديقة الحسن الثاني، والحفاظ على الغابة الحضرية ابن سينا، يسمح للمدينة بالجمع بين  جودة العيش، الترفيه والاستدامة. 
 
كما تشكل هذه الفضاءات للتنفس عوامل جذب تستهوي الزوار الباحثين عن الطبيعة والتوازن في قلب عاصمة عصرية ونابضة بالحياة. 
 
وجهة شاملة تتوجه نحو المستقبل 
بفضل الاستثمارات البنيوية، العرض الفندقي الفاخر، المنشآت الرياضية عالية المستوى وبرامج الفعاليات الطموح، تفرض الرباط-سلا-القنيطرة نفسها الآن كوجهة متكاملة وشاملة، تجمع
 
بين الثقافة، الرياضة، الطبيعة، الفخامة وسفر الأعمال وهو ما يجعلها تتجه بقوة نحو المستقبل وتؤكد نفسها كقطب للتميز السياحي على المستوى الوطني و الدولي.