فرئيس جماعة الزمامرة مثلا الذي يسير المجلس للولاية الثالثة على التوالي، لم يطبق توصيات مؤسسة دستورية من حجم المجلس الأعلى للحسابات، الذي في تقريره عقب زيارة قضاته للجماعة، لاحظ الحالة المزرية للمقر الاداري للجماعة وتساءل عن السبب في عدم إخراج مشروع المقر الاداري الجديد الذي كان من المفترض أن يكون قد تم في سنة 2014، ورغم برمجة المجلس الجماعي لاعتماد مالي مهم يقدر بستة ملايين درهم!! لكن، ويا للفضيحة، بعد مرور أكثر من عشر سنوات، لا زالت دار لقمان على حالها، وليس هناك من مقر جديد ولا هم يحزنون..
أيضا أوصى المجلس الأعلى للحسابات رئيس جماعة الزمامرة بالاهتمام بالسوق الأسبوعي، الذي صارت حالته البئيسة تثير اشمئزاز التجار والباعة وساكنة المنطقة، و لقد حاول الرئيس تحويل السوق الى جماعة اخرى وفشل، و كان الحل الإهمال العمد مع سبق الترصد والإصرار لهذا التراث الأصيل والمحرك الاقتصادي، وانا هنا أدعو الصحفيين والفاعلين المدنيين الى زيارة المجزرة الكائنة بالسوق لمشاهدة وتوثيق كارثة بيئية وصحية حقيقية..
في الزمامرة أيضا، توجد فقط مؤسستان اعداديتان وثانويتان، تعرفان اكتظاظا مهولا، حيث يفوق عدد التلاميذ في القسم الواحد أربعين تلميذا في أحسن الأحوال وقد يصل في بعض الحالات الى الخمسين تلميذا !
في الزمامرة، لا توجد مدارس ابتدائية في حي السلام وحي القدس وحي الفرح وحي الصفاء وحي النصر وحي وحي الخميسية وحي المسيرة... و يضطر أطفال صغار الى التنقل مسافات طويلة في شوارع مكتظة للوصول الى مدارسهم البعيدة!
في الزمامرة، المشاريع على قلتها، لا شيء منها ينجح، وكلها متعثرة او متوقفة منذ سنوات، دون أن يتدخل احد المسؤولين محليا و اقليميا و جهويا ومركزيا.. الكل يرى و يشاهد تفاصيل تعثر مشاريع المحطة الطرقية، والإنارة العمومية، وإشارات المرور ومحلات شارع الجيش الملكي ومحلات الحي الصناعي، الكل يشاهد متحسرا غياب تعبيد الشوارع بأحياء عديدة كحي النصر وغياب الانارة العمومية بتجزئة السعادة.. الكل يعاين غياب سوق نموذجي يحفظ للساكنة كرامتهم وللباعة حقوقهم.. لكن يبدو كأن هذه المدينة خارج السياق المغربي.. كأن المسؤولين عن هذه الفوضى والعبث يتوفرون على حصانة تعفيهم من المراقبة والمحاسبة!! كأننا نعيش في مدينة لا يحكمها قانون ولا مؤسسات!!
لكن المثير في هذا كله، هو أن المشروع الوحيد بالمدينة التي تسير فيه الأشغال بوتيرة سريعة، والممول من المال العام، هو مشروع بناء فندق مصنف كبير!! نعم، فندق في مدينة بلا مدارس ولا معاهد ولا مقرات محترمة و آمنة للإدارات والمؤسسات العمومية..
والخطير في الأمر أن الفندق تم بناؤه بعد هدم خزانة بلدية! والأخطر أن الفندق بعد تفويت أرضه سيكون في ملكية نادي نهضة الزمامرة العزيز على رئيس الجماعة، والذي يسيره شخصيا وفعليا عبر شركته الرياضية، ويقدم له منحة سنوية من ميزانية الجماعة تقدر ب 600 مليون!! بل إن عشق الرئيس لناديه الرياضي جعله يفوت لناديه مقرا شاسعا وفخما بعد إغلاق روض الأطفال الجماعي وتفويت مساحته الشاسعة الى النادي! وهذا المقر الرياضي، تحول الى مقر سياسي أيضا، حيث تجرى فيه بعيدا عن الاعين، اجتماعات الرئيس مع أتباعه وأعضاء أغلبيته، ويتم فيه اتخاذ القرارات و توجيه الاوامر بخصوص التسيير الجماعي!!
والمضحك المبكي، أن هذا الفندق مقابل لبناية المستشفى المحلي بالزمامرة، هذا المستشفى الذي تم افراغه من التجهيزات والأطر الطبية وتم إهمال بنايته عمدا حتى أصبح الجميع هنا يعرف أنه مجرد محطة يتم فيها إرسال المرضى الى مستشفى الجديدة!! وإنه لعبث واكثر من عبث أن تمول جماعة ترابية بناء فندق لناد رياضي وتهمل المستشفى والمدرسة ّ!!
والمقام والمقال لا يسعفنا صراحة لذكر الكثير من مظاهر العشوائية في التسيير، وهدر المال العام، والاستهتار بالصالح العام، وخرق القوانين.. لكن الخطير أن كل هذا العبث يحدث أمام أعين المسؤولين محليا واقليميا وجهويا، رغم عشرات الشكايات الى الجهات المعنية بالرقابة، ورغم عشرات المقالات الصحفية الصادرة بالمنابر الاعلامية الوطنية الموثقة لهذه الفوضى!
والنتيجة الحتمية لهكذا تدبير فاشل للشأن العام، ارتفاع مهول في مؤشرات البطالة والفقر والهدر المدرسي، وهجرة للساكنة، وكساد تجاري وركود اقتصادي، وانتشار مخيف لمظاهر التسول، وتفشي استعمال المخدرات الخطيرة في اوساط الشباب..
أمام هذا الوضع المأساوي، وأمام تغول الفساد والتسلط، حان الوقت لشرفاء الزمامرة وشريفاتها، وللفئات الواعية بها، ولشبابها الحر، ونخبها الحية، أن يتوحدوا من أجل هدف نبيل واحد: إنقاذ مدينة الزمامرة من كل هذا العبث !