خديجة الكور: في حاجة بلادنا إلى تعاقد سياسي واجتماعي جديد

خديجة الكور: في حاجة بلادنا إلى تعاقد سياسي واجتماعي جديد خديجة الكور (يسارا)

تنعقد الدورة الثانية للمجلس الوطني لمنظمة النساء الحركيات التي تنظم تحت شعار "المرأة الحركية: شراكة وقيادة من أجل البديل الحركي" ، في ظرفية دولية مضطربة تتسم باتساع رقعة الحروب والنزاعات الإقليمية والحروب التجارية والأزمات الاقتصادية والاضطرابات المناخية والتحديات الرقمية ، وبتدهور الوضع في منطقة الشرق بسبب العدوان الغاشم والهمجي الذي تتعرض له دولة فلسطين الغالية، وهي مناسبة لنحيي المرأة الفلسطينية المناضلة والمكافحة ليحيى الوطن ونستنكر مختلف أشكال التعذيب والقهر والتجويع والتهجير القسري الذي تتعرض له المرأة والفتاة الفلسطينية.

 

نجتمع أيضا في سياق عالمي يخيم عليه شبح حرب عالمية ثالثة تخيف الشعوب ، وظهور أنماط جديدة من الممارسات السياسية المبنية على الاستبداد والشعبوية القاتلة ، وتراجع الديمقراطية وتبخيس مؤسسات الوساطة على المستوى الأممي وتنامي ظاهرة وصول اليمين المتطرف للسلطة.

 

نجتمع أيضا في سياق وطني تتمثل سماته الكبرى في توسع دوائر الاحتقان الاجتماعي من جراء الاختيارات المالية والاقتصادية الموسومة بهاجس الربحالسريع على حساب رفاه المواطن ، من قبل نخبة اقتصادية وسياسية راكمت الثروات باستخدام أدوات الدولة في خرق سافر لمبدأ تضارب المصالح، وتوسيع وعاء المديونية والتخلي عن الخدمات الاجتماعية الأساسية ، وهي ممارسات تضرب في العمق مقومات الدولة الاجتماعية مما زاد من تعميق الفوارق الاجتماعية واتساع رقعة والفقر والبطالة وهشاشة الطبقة المتوسطة وتدني مستوى العيش والخدمات بمغرب الجبال والقرى والبوادي والهوامش ، وكرس الشعور بانسداد الأفق و عمق أزمة ثقة المواطن في المؤسسات مما ينذر بتنامي الاحتقان الاجتماعي و بروز تهديدات لمشروعنا الديمقراطي.

 

ووعيا من حزبنا بدقة المرحلة، أطلق الأمين العام مبادرة البديل الحركي، الذي لا يرمز إلى برنامج انتخابي، وإنما إلى مشروع وطني جديد يتوجه إلى المجتمع لتجديد التعاقد السياسي والاجتماعي حول الاختيارات الكبرى لمجتمعنا في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والهوية وموقع المغرب إقليميا ودوليا لمواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية التي يقودها  الملك للرقي ببلادنا إلى مصاف الدول الصاعدة.

 

بديل يتمحور حول إعادة طرح سؤال ماذا نريد ؟ وكيف نحقق ما نريد في عالم يتغير بسرعة تفوق قدرتنا على استيعابه ؟ كيف ندعم المشترك الوطني ونتجاوز الأعطاب التي لحقت بالفعل السياسي والممارسة الاقتصادية ؟ كيف نبني مغربا محتضنا وداعما ودامجا لشبابه ونسائه ورجاله وأطفاله ؟ بديل يعيد بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع ويمكن من استعادة المبادرة والخروج ببلادنا من مأزق الانحباس السياسي والافتراس الاقتصادي والإهدار التنموي، من خلال مبادرة تتأسس على الإصغاء لنبض المجتمع وتعبئة كل القوى والضمائر الحية لإرساء نموذج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي متجدد، ينبني على قيم الحرية والعدالة والكرامة والمساواة والتعددية وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروة والعدالة الاجتماعية والمجالية.

 

إن الرهان الحقيقي المطروح على بلادنا في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، لا يتمثل في إعادة انتخاب نواب الأمة واحتلال المراتب الأولى بناء على برامج تقدم وعودا كاذبة وتراهن على شراء الذمم واستعمال المال في افساد العملية الانتخابية واستغلال الاحسان العمومي كأداة للضغط على المواطن، وانما في إنتاج مشروع وطني جديد معباً للتنمية وقادر على إعادة جسور الثقة بين الدولة والمجتمع والا سنغرق في فوضى بلا أفق.

 

إن السياق الذي نعيش فيه يتطلب منا كمنظمة نسائية الانتصار في هذا المشروع الجديد لقضايا المجتمع والمرأة على السواء وتحقيق قفزة نوعية في دلالات المشاركة السياسية للنساء التي لا يجب الاستمرار في اختزالها في مقاربة عددية وحصرها في منطق الكوطا، وإنما الارتقاء بها الى تمثيلية نوعية ووازنة للنساء في مواقع القرار بما يضمن التأثير في القوانين والسياسات العمومية وبناء مغرب قوي بنسائه ورجاله خاصة وإننا مقبلون على احتضان كأس العالم لسنة 2030 وهي لحظة ستتجه فيها أنظار العالم إلى وطننا.

 

وهو ما يطرح علينا كمنظمة الانخراط في نقاش جماعي حول سبل تجديد خطابنا وتطوير آليات حكامتنا وتجويد استراتيجية تواصلنا واستثمار كل الطاقات والكفاءات النسائية، وتقوية دينامية الاستقطاب وتسريع وتيرة هيكلة التنظيمات الترابية وتنظيم سلسلة من اللقاءات التواصلية المفتوحة مع المواطنات والمواطنين حول قضايا الشأن العام، وفي مقدمتها ورش مدونة الاسرة، بما يضمن الانخراط في دينامية تنظيمية وسياسية قوية لتصبح المرأة صوتا لا يخفت وحضورا لا يغيب.

مقتطف من مداخلة خديجة الكور

رئيسة منظمة النساء الحركيات في الدورة الثانية للمجلس الوطني للمنظمة