أكد محمد بنعليلو وسيط المملكة، أن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات أمر واقع، بل إن التحول نحو الإيمان بقدرة الخوارزميات والشبكات العصبية الاصطناعية على محاكاة الذكاء الطبيعي، وتعميمها على كل مناحي الحياة أمر آت لا ريب فيه.
بمعنى أن القناعة الراسخة عند وسيط المملكة، مفادها أن الذكاء الاصطناعي واقع حتمي، وهو ما يستوجب بلورة استراتيجية مندمجة واعية بمختلف جوانب التحول المجتمعي الذي يطرحه الموضوع.
إذ أن الخطوات الأولى –يقول بنعليلو- لهذا الأمر في مجال الخدمات العمومية يجب ألا تستبعد منطق المزاوجة بين الفوائد المتاحة تكنولوجيا والاحتياجات البشرية والثقافية والحقوقية للإدارة والمرتفق. في سياق نظام تصور مرن وقابل للتكيف لمواجهة التحديات والتغييرات المستمرة في البيئة العملية، على ضوء "مؤشرات الجاهزية الرقمية" و"مؤشرات الذكاء الاصطناعي " ومتطلبات "القانون الدولي لحقوق الإنسان".
وشدد محمد بنعليلو، خلال الندوة العلمية الدولية حول موضوع: "الذكاء الاصطناعي في القطاع العام ومستقبل الخدمة العمومية"، المنظمة صباح يوم 22 ابريل 2024، بمقر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –السويسي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تطور تقني، بل هو طفرة حضارية وثقافية مؤثرة في نمط تفكيرنا، وفي كيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض ومع العالم من حولنا، مما يجعله تحولا شموليا يستدعي منا أكثر من مجرد "الانبهار"، ويتطلب منا في كثير من الأحيان الكثير من الحذر.
وحول فوائد الذكاء الاصطناعي في مجال الخدمات العمومية، أبرز وسيط المملكة، أنه لا يمكن أن نختلف في كون الذكاء الاصطناعي يقدم العديد من الفوائد في مجال الخدمات العمومية، من خلال أدوات قوية تساعد الفاعل العمومي على تحسين الأداء واتخاذ القرارات الأفضل في مختلف الجوانب الإدارية، عبر الرفع من قدراته التحليلية والتنبؤية، مما سيزيد من فهم الاتجاهات والأنماط السائدة في الخدمات الإدارية، وسيؤثر بالتالي على صياغة السياسات، وعلى مستوى التفاعل بين السلطة الإدارية والمواطن بشكل يؤدي إلى تحول في العلاقة بينهما من بوابة القرارات التدبيرية.
فالوجه المشرق للذكاء الاصطناعي في مجال الخدمات العمومية –يقول بنعليلو في كلمته- ينبني على استثمار تقنياته لتحليل انتظارات المرتفقين والتنبؤ بالسلوك الارتفاقي واتجاهاته المستقبلية بهدف التفاعل معها بقرارات مستنيرة تزيد من رضا المرتفقين..
وشدد وسيط المملكة، على ضرورة توفير استراتيجية حكومية واضحة في مجال الذكاء الاصطناعي، تستطيع تحقيق الاستدامة وتوفر الإجابة عن كل التخوفات، وتفتح المجال لتطور ذكي يتسم بالعقلانية والتقنين والتوازن، ويراهن على الاستثمار في تطوير التكنولوجيا الوطنية، ويضمن التنافسية في تقديم الخدمات الإدارية، لأن غياب استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، سيؤدي لا محالة إلى رفع مستوى المخاطر في مجال الخدمة العمومية، سمتها العشوائية وعدم التنسيق، وغياب العدالة المجالية وبالتالي غياب كل مقومات الحكامة...إلخ.
وبما ان الشيء بالشيء يذكر فلم يفت محمد بنعليلو، وسيط المملكة، تسليط الضوء على مخاطر الذكاء الاصطناعي من قبيل انتهاك الخصوصية والمس بالمعطيات الشخصية التي تصاحب عمليات تجميع البيانات، ومن قبيل وما يمكن أن ينتجه تحليل المعطيات من تمييز غير مبرر ضد بعض الأفراد أو الفئات الاجتماعية، ومن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف غير معلنة، على حساب حقوق المواطنين؛ وتفاقم الفجوة الرقمية والاستبعاد الرقمي، واللامساواة في الولوج إلى الخدمات وزيادة عدد المهمشين رقميا. ناهيكم عن مخاطر احتمال استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تضليلية توهم بوجود خدمات غير موجودة فعليا، أو تخلق عوائق تقنية تؤثر على المواطنين وتؤدي إلى عزوفهم عن المطالبة بحقوقهم الإدارية أو تحول دون وصولهم إليها بدوافع مختلفة.
فحسب وسيط المملكة، فإن ارتفاع معدل هذه المخاطر إذا ما انضافت إلى زيادة وتيرة الاعتماد على التكنولوجيا في تقديم الخدمات الإدارية، تجعلنا نشدد الدعوة إلى ضرورة تبني إطارات تنظيمية وقوانين مندمجة تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومسؤول، وآمن، وضامن لحماية حقوق المواطنين والمستفيدين من الخدمات الإدارية، ومراع لمعايير شفافية الخوارزميات المستخدمة في تطوير وتشغيل النظم الذكية.