مصطفى ملكو: هذه هي المؤشرات الحقيقية التي تحتسب بها ثروة الأمم

مصطفى ملكو: هذه هي المؤشرات الحقيقية التي تحتسب بها ثروة الأمم مصطفى ملكو
القيّمون على الشأن العام يقدّمون لنا كلّ سنة توقّعات وفرضيات على شكل أعداد، وأرقام، ونِسب مأوية مُجرّدة حول تقلّبات النّاتج الدّاخلي الخام والعجز الموازني ومستوى المديونيّة وكذا الأغلفة المالية المرصودة للإستثمار العمومي...إلخ. لكن لا يتجشّمون عناء تقديم الحصيلة حول نسب تحقيق التوقّعات، ولا ماذا تمَّ، و ماذا لم يتمّ، و من استفاد، و من لم يستفد.
 
1- فيما يفيد المواطن أن يعرف بأنّ النّاتج الدّاخلي قد ارتفع بهذه النسبة أو تلك، ما لم يرى أثراً لهذا النّاتج الداخلي الخام على دَخْله وعلى مستوى عيشه؟
 
2 - فيما تفيد المواطن معرفة ما إذا كانت عجوزات الموازنة العامّة مرتفعة أو منخفضة ما لم يرى في مدينته أو قريته أيّ أثر للإنفاق العمومي المهيكل والمؤهّل للقرية بمفردات الخدمات العمومية المقدّمة للمواطن؟
 
3 - فيما تفيد معرفة مستوى غلاف الإستثمارات العمومية، ما لم نرى لها أثراً على الأرض بمعايير تجويد البنيات التحتية من شقّ للطرق والقناطر وبناء السدود وبناء مراكز الإستشفاء و المدارس ...؟
 
4 - في ما تفيد معرفة حجم المديونية إذا لم نرى ولا حتّى نعلم فيما صرفت إيراداتها ومن استفاد من كرمها إذا علمنا بأنّ مستوى مديونيّتنا العمومية في ارتفاع ومستوى عيش شرائح عريضة من شعبنا في تدنّي؟
 
5 - فيما تفيد معرفة كم عدد فرص الشغل الّتي خلقت ومستوى البطالة إذا كان المواطن لا يرى إلاّ جحافل العاطلين تحاصر مدينته وقريته وبين أهله و ذويه؟.....الخ
 
هذه هيّ المؤشّرات الحقيقية الّتي يتمّ طمسها وعدم تقديم الحصيلة لها، على رأس كلّ سنة: - عدد الكيلومترات الطرق وسكك الحديد الّتي أظيفت - عدد الأطبّاء - عدد الأساتذة - عدد المستشفيات - عدد الممرّضات... وهذه هي المؤشّرات الماكروقتصادية الحقيقية والملموسة الّتي تحتسب بها ثروة الأمم،َ والّتي تشهد على رفاه شعب أو ضنكه، وعلى تطوّر بلد أو على تخلّفه، وعلى سعادة المواطن أو شقائه، وعلى نجاح سياسات دولة أو فشلها.
 
أمّا الأرقام و النسب، فإنّها تصبح قاتلة إن أسيئ استعمالها بجعلها وسيلة للتعويم والتعميم والتمويه لطمس الفوارق الطبقية والمجالية.