ما الفرق بين المافيا الكولومبية والمافيا الحزبية بالمغرب؟

ما الفرق بين المافيا الكولومبية والمافيا الحزبية بالمغرب؟ عبد الرحيم أريري
حتى الدولة تتحمل جزءا من مسؤولية تبذير المال العام من طرف الأحزاب.
كيف يعقل أن تمنح الدولة الأحزاب ملايير السنتيمات لإجراء الدراسات والأبحاث؟ متى كانت الحزب في المغرب يعتمد على الدولة لتحول له الملايير لإجراء الدراسات؟ أليس الحزب، في كل بلاد العالم المتمدن، مشتلا للأطر والكفاءات والخبراء في كافة المجالات؟ أليس الحزب مدرسة يتخرج منها الأطر المدربة لتدبير الشأن العام: حكوميا وجهويا ومحليا؟ أين هي "حكومات الظل" بالأحزاب التي يفترض أن تضم الفنيين والخبراء والحكماء والجهابدة القابضون على جمر المعلومات والاستراتيجيات التي تتماشى مع تصور الحزب لتدبير المرفق العام؟
 
إن المنطق- ونحن نعيش فضيحة دعم الدولة للأحزاب لإجراء الدراسات- يقتضي مساءلة الدولة بدورها عن هذه الجريمة. فالحزب ( أيا كان هذا الحزب)، إما أن يكون "فران وقاد بحومتو" ويتوفر على الموارد البشرية المؤهلة وعلى الخبراء في كل حقول تدبير الشأن العام، أو يتم حله ويجبر على أن "يهبط الريدو".إذ الأولى بتلك الأموال العمومية هي آلاف المقاولات الصغيرة التي يهددها سيف الإفلاس، دون أن تلتفت الدولة لوضعيتها المتأزمة، وليس تبذيرها في دراسات "تقرقيب السطولة ولالة ومالي".
 
إن المغرب يحصد اليوم ما زرعه على مدى سنوات: هاهي نتيجة ضرب المؤسسة الحزبية ونسف نبل أدوارها، بعد نجاح عملية تدجين وتحويل عدد من الأحزاب إلى "كارتيلات كولومبية مصغرة"، يسطو عليها التافهون والمهرولون للمناصب والسارقون وناهبو المال العام وتجار المخدرات ومافيا تبييض الأموال، ويتم إسقاط المستوزرين والبرلمانيين والرؤساء والمدبرين بالمؤسسات العامة، بعد صباغتهم بلون هذا الحزب أوذاك، ضدا على منطق الديناميات الداخلية الطبيعية للمجتمع.
 
وبدل أن تكون المؤسسة الحزبية مدرسة لتزويد المغرب بطينة عالية من رجال الدولة، تحولت المؤسسة الحزبية( مع استثناءات قليلة)، إلى مافيا تستقطب في الأغلب الأعم مصاصي الخزينة العامة ومصاصي أحلام المغاربة !