باسم الشعب، أرخص لكم ببيع أراضي المستشفيات العمومية للمنهشين العقاريين!

باسم الشعب، أرخص لكم ببيع أراضي المستشفيات العمومية للمنهشين العقاريين! عبد الرحيم أريري
لنقلها بكل صراحة: هل يستقيم الحال بالمغرب بالاحتفاظ بوزارة الصحة العمومية في الهندسة الحكومية الحالية؟
ألا يجب التشطيب على وزارة الصحة لقطع الوهم بأن المغاربة يتوفرون على جهاز حكومي يرعى أمنهم الصحي؟
هل يعقل أن يتوفر المغرب على 75 عمالة وإقليم ( لم نحتسب عمالات المقاطعات بالبيضاء)، دون أن يتوفر كل إقليم على "استقلاله الطبي"، ويضمن كل إقليم "سيادته الصحية" بالحرص على تمكين وتجهيز كل مستشفى إقليمي بالمعدات والراديو والإنعاش وأطباء التخدير والجراحة والممرضين وتقنيي المختبر؟
هل يحق  - ونحن في القرن 21- أن يضطر المواطن المغربي، كلما أصيب بحادث صحي أن "يتجرجر" بين مستشفيات الأقاليم، وكل مستشفى "كيلوحو" لمستشفى آخر لغياب الأمصال أو غياب السرير أو غياب الأوكسجين أو عطب بالراديو أو لانعدام طبيب التخذير؟
 
الفضيحة التي نشرتها يومية "الصباح" بتاريخ 25 غشت 2023، تأتي لتزكي الفواجع التي يواجهها المغاربة والمغربيات مع مايسمى" المستشفى العمومي" منذ سنوات، أي منذ أن استقالت الدولة من المرفق العام وباعت المغاربة للوبيات القطاع الخاص لافتراس المرضى ومص "دم جوفهم" ونهب مدخراتهم.
 
ملخص الفضيحة، أن طفلة ( 12 سنة)، تسكن في مدينة القصر الكبير، أصيبت بتسمم غذائي ناتج عن تناول "البطيخ الأصفر"، وتم نقلها إلى المستشفى المحلي بالقصر الكبير الذي قدم لها الإسعافات الأولوية لكن قلة التجهيزات الطبية، لم تسعف في معالجتها، فتم تنقيل الطفلة إلى مستشفى للامريم بالعرائش عسى أن يتم إنقاذ الضحية.
الطامة الكبرى أن مستسفى العرائش لا يتوفر بدوره على المقومات الدنيا لمواجهة مثل هذه الحالة، فتم نقل الطفلة من جديد إلى المستشفى الجهوي بطنجة ( تخيلوا حجم معاناة الأسرة والأهل)، وبشق الأنفس أدخلت إلى العناية المركزة بجناح الإنعاش، حيث مازالت الضحية ترقد هناك في انتظار أن تستقر حالتها.
 
هذه الحالة ماهي إلا نموذج للآلاف من الحالات التي تقع يوميا بالمغرب: مواطن مريض بمدينة اليوسفية (وهذا مجرد مثال)، لما يذهب للمستشفى يقال له "الله غالب"، فيتم نقله إلى مستشفى آسفي، وهناك يواجه بنفس الشعار، فتضطر العائلة إلى نقل مريضها إلى المستشفى الجامعي بمراكش، فتصطدم العائلة من جديد بالقول إن إمكانيات "السبيطار" لا تسمح، ويقولون للأسرة:" ديوه لمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء"! فتجد الأسرة نفسها بين فكي كماشتين: إما اللجوء إلى مصحة خاصة، مع ما يعنيه ذلك من "حلب ومص ورض وتفريغ للجيوب"( إلا من رحم ربك من المصحات التي تضع تعريفة منطقية ومعقولة)، أو العودة بالمريض إلى مسقط الرأس في انتظار أن يلفظ أنفاسه.
 
نفس الملاحظة تصدق مع المريض بوزان أو فكيك أو خنيفرة أو السمارة أو تيزنيت أو تاونات أو سيدي بنور أو ميدلت أو تنغير أو زاكورة أو الخميسات، أو الصويرة، أو طانطان، أو صفرو، إلخ...
 
إذا كان الأمر كذلك، ما الداعي إذن للاستمرار في الاحتفاظ بمنصب وزير الصحة في الحكومة والاستمرار في الكذب على الشعب بأن المغرب يتوفر على منظومة صحية؟!
بل ما الداعي أصلا إلى تعيين حكومة لا تضمن أبسط حق من حقوق الإنسان: ألا وهو الحق في الولوج لمؤسسات صحية مجهزة بالموارد البشرية والمعدات الطبية الملائمة؟
 
باسم الشعب، أرخص لكم ببيع أراضي المستشفيات العمومية للمنهشين العقاريين لدك المرفق العمومي دكا، وردم أمل المغاربة في مستشفى عمومي لائق، حتى تستقيم أفعالكم مع نواياكم !