حينما يرحل أمثال هؤلاء البسطاء ترحل معهم أشياء كثيرة من رصيد الأمازيغية الرمزي..
أجمل ما يخلفه هؤلاء البسطاء هو أن النضال ليس حرفة، والصمود في وجه الاعاصير المدمرة لا يتطلب الصياح والصراخ في مكبرات الصوت وعلى المنصات.. بل النضال هو العض بالنواجذ على الكلمة الأمازيغية شعرا ونثرا والبحث لها عن لحن يناسبها وصوت يرددها وهكذا يضمنون للغة البقاء والتحدي والقفز على أشد المعيقات..
حينما يرحل أمثال هؤلاء يشعر الانتهازيون بالخجل ويتوارون خلف الشاشات في انتظار مرور الحداد ليستأنفوا صياحهم وغوصهم في وحل الاسترزاق بالهويات والأجداد وما توفره من موائد ومكتسبات...
لا يعرف حجم الخسارة وكلفة النزال غير أمثال هؤلاء الذين يقتحمون الحلبات بعزيمة المؤمن بالنصر رغم تواضع الوسيلة وتغوّل الخصوم... منهم نستمد صدى الروائح الأولى، وفي حشرجات أصواتهم نستعيد حليب الأمهات وحديث الجدات، ومعهم نلتقي بالآهات المتوارية خلف الجبال والوديان وفي كل المروج المهددة بالجفاف والانقراض...
تغمده الله برحمته ومعه رجال ونساء من عياره الفني البسيط وألهم ذويهم الصبر والسلوان وفي غيابهم تظل رفوف كثيرة من روحنا الأمازيغية فارغة لن تدثرها كتب أو خطابات مهما ابتدعت من أقاويل أو شكاوى...
شكرا للفنان التشكيلي محمد الزياني على إبداعه لصورة الراحل بالفرشاة واللون والضوء الجميل...وللصديق إثري زروال على نشره لهذه اللوحة الرائعة...