مدرسة ستانسلافسكي وأظن بل أجزم أن طلبة المعاهد المسرحية بما فيها المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ، قد درسوها وشرّحوها بكل تفاصيلها، هذه المدرسة اهتمت أكثر بالتعبير الداخلي للممثل أي بالمشاعر الحسية الداخلية للشخصية، بدل التعبير الخارجي السطحي، فتناسق وتفاعل الأحاسيس الداخلية مع التعابير الخارجية دون مبالغة في الأداء يجعل التشخيص أكثر صدقا وواقعية وإقناعا، وهذا ما لم أشعر به لدى الكثير من ممثلينا الذين استسهلوا الأمر ودخلوا هذه السنة في موجة من البكائيات التي لا مبرر لها سوى استدرار عطف الجمهور، صحيح أن صناع هذا العمل أو ذاك هم الذين يفرضون مثل هذه المشاهد لجلب المشاهدين عبر توسل مشاعرهم واستفزاز أحاسيسهم، لكن التنفيذ والاستعمال الصحيح لأدوات التشخيص يكون لدى الممثل، أعجبتني الفنانة سامية أقريو مثلا في المشاهد التي تأثرت فيها وبكت، حركاتها الجسدية تكون دائما أكثر اقتصادا وتوازنا وتناسقا مع رد فعلها الداخلي، دون مبالغة ولا غلو، ونفس الشيء بالنسبة لراوية وأعتبرها من أفضل الممثلات اللواتي يوصلن اليك إحساسهن الداخلي بصمت دون ضجيج ولا فوضى في التعابير والانفعالات، ومعهما أيضا دنيا بوطازوت وهي رائعة في أدائها وعكسها لمثل هذه المشاعر، رغم أنها في بعض الأحيان تبالغ بشدة.
الممثل البكّاء المتصنع بمعناه الكلاسيكي الممسرح تجاوزه فن التشخيص المعاصر وعلى ممثلينا أن يدركوا هذا.