عمر الفرخاني: هيئة المهندسين المعماريين فضلت إبرام اتفاقية صلح مع مجلس المنافسة

عمر الفرخاني: هيئة المهندسين المعماريين فضلت إبرام اتفاقية صلح مع مجلس المنافسة عمر الفرخاني؛ الرئيس السابق للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين
تم التوصل مؤخرا إلى  إتفاقية صلح تفاوضية بين الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين ومجلس المنافسة بعدما خصصت جلسة للبت في الإحالة  الواردة على المجلس من طرف جمعية المجزئين والمنعشين العقاريين بمكناس، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 33 من القانون رقم 104-12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة "أنفاس بريس" التقت بعمر الفرخاني؛ الرئيس السابق للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين،الذي شرح  الخطوط العريضة لهذه الإتفاقية في الحوار التالي:      

لماذا تفاوض الهيئة  للمهندسين المعماريين على  هذا الإتفاق،وما هو الأمر الذي يتهم به مجلس المنافسة الهيئة؟
لقد فضلت الهيئة بحكمة وتبصر إبرام اتفاقية صلح مع مجلس المنافسة، لأن الإتهامات كانت قائمة على أسس قانونية، وكان الإستمرار في النزاع بمثابة تبذير للوقت والطاقة والمال.ولكن لفهم محتوى الإتفاقية بالكامل ،من الضروري أولاً شرح طبيعة الحقائق التي تم  تناولها. وانتقد فيها مجلس المنافسة هيئة  المهندسين المعماريين اللجوء لمبدأ "الحصة" التي تحدد عدد المشاريع شهريا لكل مهندس معماري، وذلك من أجل الحد من  المنافسة غير النزيهة وغير العادلة التي تمارس من طرف بعض المهندسين المعماريين الذين يطلق عليهم اسم "الموقعين" (signataires).وقد لاحظت الهيئة أن عددا كبيرا من المشاريع (يمكن أن يصل عددها إلى الآلاف في السنة) تم توقيعها بأسعار زهيدة ..لأن المعماري لم يتحمل جميع واجباته المهنية، ولا سيما مراقبة الأشغال بالورش .

وكانت نتيجة هذه الممارسات هي أن مشاريع المهندسين المعماريين "الموقعين" لا تستفيد من الضمانات المهنية للتصميم ومراقبة الورش، وبالتالي تشكل مخاطر جسيمة على سلامة وجودة البنايات والمشاريع التي تبقى الهيئة المسؤولة عنها.علاوة على ذلك، فإن هذه الممارسات غير القانونية وغيرالأخلاقية  تقلل من قيمة المهمة النبيلة للمهندس المعماري في نظر عامة الناس باختزالها  في توقيع إلزامي على التصميم!! .

والنتيجة الخطيرة الأخرى هي أن الأتعاب تنهار لجميع المهندسين المعماريين من خلال تهميش المهنيين الجادين الذين لايستطيعون منافسة "الموقعين" لأن الجادين يلتزمون  بإنجاز  مهامهم بشكل كامل ومشرّف.
 
ماهو المضمون الرئيسي للإتفاقية التي تم التفاوض عليها بين مجلس المنافسة والهيئة؟ 
بعد توضيحات من هيئة  المهندسين المعماريين ، اطلع مجلس المنافسة على  الإجراءات التي تم وضعها بموجب الهيئة (الحصة والحد الأدنى من الأتعاب) على الرغم من أنها غير قانونية رسميًا ،إلا أنها لم تكن تهدف إلى إثراء أو تفضيل بعض المهندسين المعماريين، بل لمحاربة ظاهرة "الموقعين" غير القانونية. وبالتالي، فإن مضمون الإتفاقية هو أن الهيئة تتخلى دون اعتراض على اللجوء للحصة (quota) والحد الأدنى من الأتعاب، وفي مقابل تتحمل غرامة صغيرة فقط (500.000 درهم بدلاً من 4.000.000 درهم، وتضاعف الغرامة إلى 8.000.000 درهم في حالة التكرار). ثم يجب استبدال التدابير الرادعة  للهيئة (الحصة والحد الأدنى) بإجراءات تأديبية؛ على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 16/89 والتي يمكن أن تصل إلى 6 أشهر من تعليق النشاط المهني وحتى المنع من ممارسة المهنة مدى الحياة. 

ما هو محتوى وهدف برنامج الملاءمة الذي تفرضه الإتفاقية التفاوضية؟
برنامج الملاءمة للقانون 104/12 لحرية الأسعار والمنافسة، المعتمد من قبل هيئة المهندسين المعماريين تحت إشراف مجلس المنافسة، وفقًا للصلاحيات الممنوحة لهذا الأخير بموجب القانون 20/13 ، يهدف نظريًا إلى تعزيز المنافسة العادلة بين المهندسين المعماريين لأنها :

أ - تهدف إلى وضع دليل  يحدد الموارد اللوجستيكية والبشرية اللازمة لتنفيذ مهام المهندس المعماري  الخاص على النحو المنصوص عليه في النصوص المعمول بها، وبما يتوافق مع قواعد المنافسة النزيهة المنصوص عليها في القانون 104 / 12 لحرية الأسعار والمنافسة.

ب - إنشاء مرصد،على شكل منصة إلكترونية وطنية، يقوم بتسجيل وأرشفة المشاريع مع بياناتها (نوع وحجم المشروع، موقعه، المواعيد النهائية، المتدخلون في المشروع ، إلخ).
 
ج- إطلاق حملة وطنية وجهوية لإخبار وتوعية المهندسين المعماريين بشأن قرارات مجلس المنافسة ولا سيما حظر أي توجيه كمي يتعلق بالأتعاب في العقود النموذجية للهيئة وحظر استخدام الحصص.

د- تنظيم جمعية عمومية وطنية لإطلاع المهندسين المعماريين على أحكام القانون المتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة.

هـ - إعداد تقارير سنوية تتعلق بتطور حالة المنافسة بين المهندسين المعماريين، وترفع إلى مجلس المنافسة.
 
هل تمثل هذه الإتفاقية التي تم التفاوض عليها عقوبة أو خدمة للمهندسين المعماريين؟
بشكل عام، أعتبر هذا اتفاقًا إيجابيا للمهنة. كما قلت من قبل ، فإن له ميزة  تخفيف الإجراء وتخفيض الغرامة إلى 500000 درهم (بدلاً من 4،000،000 درهم المنصوص عليها في القانون).كما يضمن دعم مجلس المنافسة للهيئة في مكافحة المنافسة غير العادلة من طرف"الموقعين" من خلال التفعيل المكثف للإجراءات التأديبية. يضاف إلى ذلك  أن قرار مجلس المنافسة لا يمكن استخدامه وتحويله ضد الهيئة من قبل طرف ثالث.

أخيرًا، أود أن أقول إن الإتفاقية التي تم التفاوض عليها هي فرصة ثمينة للمهندسين المعماريين  بمعنى أن الصدمة التي أحدثتها بالمهنة من خلال مثيلاتها من المهن الأخرى ، هي فرصة تاريخية لإنزال  ممارستنا المهنية في نموذج جديد اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا وتقنيًا، أكثرانسجامًا مع المجتمع المغربي الحالي، مع العلم بالطبع أن مشاكل الحكامة في المهنة لا تقتصر على النضال ضد "الموقعين ".