عبد السلام بوطيب: في الحاجة إلى حزب شعبوي عاقل !

عبد السلام بوطيب: في الحاجة إلى حزب شعبوي عاقل ! عبد السلام بوطيب
وأنت في عز أجواء  المنتدى العالمي لحقوق الانسان بالأرجنتين، صعب عليك أن تميز بين ما إذا كنت في الايام الاخيرة لحملة انتخابية لفائدة كل يسار أمريكا اللاتينية الصاعد، تحقيقًا للحلم الذي ظل يراود بعض السياسيين هنا: الدولة الواحدة،  la nación unica؛ أم أنك  في منتدى عالمي لحقوق الانسان من مهامه الوقوف عند حاضر حقوق الانسان في العالم والتفكير في صيغ تحصين المكتسبات ورسم آفاق ذكية لتحقيق المزيد منها. لم أسمع منذ الافتتاح الى مساء الثلاثاء 21 مارس 2023 الا حشودا تصفق لوجوه سياسية  من نفس التيار والعيار……بالرغم من ذلك استمتعت أمس  بمداخلة، لا بل قل بمحاضرة الرئيس موخيكا التي كانت درسا  في آيات  صرف العمر ….و صيغ صرفه في البحث النبيل عن تحقيق الكرامة والمساواة لجميع الناس. استمتعت بمداخلة  صديقي الرئيس السابق لحكومة الجارة الاسبانية، الذي نجح مرة أخرى ، بلغة إسبانية شاعرية، أن يدفعنا الى الحلم بعالم جميل نستطيع نحن بنى البشر تحقيقه! استمعت لكل مداخلات الكبار الذين يقال عنهم أنهم يساريون شعبويون، قد تحبهم، أو تنظر الى أعينهم ببرودة، وتردد مع نفسك: هذا كلام عابر !! بالرغم من ذلك،  اقتنعت أكثر من قبل بأننا نحن، في البلد، محتاجون الى قيام حزب شعبوي عاقل …….و متنور، قارئ ومجدد…لا يشبه شعبوية من مروا عندنا……و لا ينتج الفعل الداخلي ، لأن الفعل الداخلي صيرورة عاقلة، تتطلب كثيرا من الصبر والتبصر، بل من مهامه أن يكون هو نفسه…. لأن الحقوقي لا يجيد الحديث أمام جلال حضور السياسي الذي لا يتقن الا هدم ما بني قبله، وسب المستقبل باسم الجماهير…..لا سيما في لحظات انفعاله الانتخابي وهو يردد على مسامعه: لا ديمقراطية بدون حقوق الانسان، ولا حقوق الانسان بدون ديمقراطية….و يتمطط الكلام بعد ظهور النتائج ، ويحضر سؤال الخصوصية بكل خصوصياته، ولكل كثير منها، و ينسى الجميع أن حقوق الانسان يجب أن تكون قوانين مكتوبة بمداد الحب، وتحتكم الى عيون الاطفال، والى بسمات الامهات و هن يحتضن أطفالهن، والى ابتسامة ناج من فظاعة ما. 
لا تخطؤوا فهم الفكرة ، ولا تعتبروها نقدا ذاتيا مني أنا الذي تخليت عن أحلام يساريينا، و لم أحتفظ منها إلا بطريقة النظر الى عيون الاطفال، ودموع الأمهات و آهات المعذبون في الارض، ومن قهرهم الزمن ، ومن ما زال يعيش في قبضة البشاعة ، فقد سبق لمنظرين كبار، و هم يبحثون عن صيغ النهوض بالقارة، أن دعوا قبل سنوات الى ضرورة قيام أحزاب يسارية شعبوية في أمريكا الاتينية……..وهم هنا اليوم، و سيستمرون لسنوات إخرى، قد تطول كثيرا.
أمام سطوة السياسي على الحقوقي، هنا وفي أي مكان، و بما أننا نحن الحقوقيين نخجل، و تسكننا رهبة من  السياسي، علينا خلق هذا الحزب في البلد لنشتغل بالهدوء الضروري الذي تحتاجه قيام دولة الحق! 
بالرغم من هذا الكلام، لم أقطع الالالف الكيلومترات  لأستمع الى خطابات سياسية، قطعتها لأنني كنت أريد  إن أستزيد  فكرة …و ها أنا أزداد اقتناعا بأننا في البلد محتاجون الى قيام حزب شعبوي عاقل!!
 
عود على بدء: 
بوينوس إيريس مدينة جميلة. و تستحق أن تقطع من أجلها كل هذه الكيلومترات. 
صباحكم سعيد.
عبد السلام بوطيب/ رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم