من قلب "مصنع الموت" بعاصمة الأرجنتين !

من قلب "مصنع الموت" بعاصمة الأرجنتين ! عبد الرحيم أريري( بمينا) ومحمد الهاشمي
الصورة التقطت صباح يوم  الثلاثاء21 مارس2023، بمناسبة انطلاق المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بالعاصمة الأرجنتينية، في القاعة الكبرى لمتحف "حفظ الذاكرة " بمدينة "بوينس أيريس".
المتحف كان مركزا لتعذيب وإخفاء النشطاء والسياسيين في عهد الديكتاتورية العسكرية التي بسطت سطوتها بالأرجنتين بين 1976\1983. وهو في الأصل كان ثكنة عسكرية تابعة للبحرية الأرجنتينية يمتد على مساحة 17 هكتارا (أي ما يعادل نصف مساحة حي المستقبل بسيدي معروف بالبيضاء).
العسكر الأرجنتيني حول هذه الثكنة من مدرسة للميكانيك ESMA إلى "مصنع للموت". بدليل أن مجموع المختفين خلال السنوات السبع من حكم العسكر بلغ 30.000 فرد، منهم 5000 ضحية بثكنة ESMA،(أي 16 % من مجموع المختفين بالأرجنتين) أغلبهم قتل رميا من الطائرة بنهر la plata المجاور لبوينس أيريس.
وهذه الحقبة(1975\1983) تعد أحلك فترة في تاريخ الأرجنتين على اعتبار أن ديكتاتورية العسكر لم تخلف 30.000 مفقود فحسب، بل ملأت السجون ب10.000 سجين رأي، وقتل 15.000 ضحية رميا بالرصاص وتم نفي 1،5 مليون فردا.
عقب عودة "الديمقراطية" للأرجنتين خاض النشطاء معارك شرسة للحفاظ على ثكنة ESMA  كمتحف لصيانة الذاكرة، ولم يتبلور المطلب إلا عام 2004، بعد أن تنازلت البحرية العسكرية الأرجنتينية عن العقار وتحول إلى متحف الذي خصع لهيكلة كبرى للترميم عام 2015.
وفي عام 2021 تقدمت الأرجنتين بطلب لليونيسكو لإدارج الثكنة العسكرية للبحرية Esma ضمن ثراث الإنسانية، على غرار مراكز تعذيب عالمية أخرى سبق إدراجها كثرات عالمي، من قبيل: جزيرة "كوري" بالسينغال المعروفة كمركز احتجاز لترحيل الأفارقة كعبيد على يد الاستعمار الغربي، ومركز volongo بريو دي جانيرو كمنطلق لطريق العبيد بالبرازيل، ومركز احتجاز اليهود في أوشفيتز على يد النازيين، وجزيرة "روبن إيسلاند" التي كان يحتجز فيها نيلسون مانديلا في عهد الأبارتايد، وجسر موستار بالبوسنة الشاهد على فظاعة إبادة مسلمي البوسنة.
الأرجنتين باحتضانها هذا المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، تسعى إلى تتويج مسارها بتصويت لجنة الثرات العالمي باليونيسكو على طلب إدراج ثكنة ESMA في قائمة التراث الإنساني في يونيو 2023.
إن أفلحت الأرجنتين في مسعاها، فهل سيتبنى المغرب نفس الخطوة لإدراج مراكز التعذيب والاعتقال التعسفي( تازمامارت، أكدز، تاكونيت، قلعة مكونة، درب مولاي الشريف، دار بريشة،....) ضمن ثراث الإنسانية؟
ذاك هو السؤال..
ملحوظة:
الصورة مع الأستاذ محمد الهاشمي، مدير مديرية الدراسات والأبحاث، بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان