الداودي: في غياب تسقيف أسعار المحروقات أي إجراء لخفض أسعار الخضر والفواكه لا يجدي نفعا

الداودي: في غياب تسقيف أسعار المحروقات أي إجراء لخفض أسعار الخضر والفواكه لا يجدي نفعا عبد العزيز الداودي
يتساءل العديد من المواطنين، إن كانت الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغذائية من خضر وفواكه ولحوم بيضاء وحمراء وزيوت؛ ظرفية أم ستمتد الى ما نهاية بالشكل الذي يتم فيه تعويد الشعب على هذه الزيادات؛ على اعتبار أنه إذا ربطنا هذه الزيادات بنسبة التضخم بالمغرب والتي لا تزيد عن 10% نرى أن الفرق شاسع بين نسبة التضخم ومعدل الزيادة في المواد الغذائية والأولية والذي تجاوز في بعض منها 300%.
مع العلم ان مبررات الحكومة لهذه الزيادات لم تكن مقنعة حين ربطت ذلك بموجة البرد والظروف المناخية بشكل عام او بالصراعات الجيوسياسية في العديد من دول المعمور ولم تجب بالتالي عن جواب حير المغاربة الذين لم يشهدوا نظيرا لهذه الزيادات منذ الاستقلال، حيث شملت كل المواد وبدون استثناء.
وما يزيد من تخوفات المواطنين هو الإجراءات الترقيعية للحكومة بمنع مثلا تصدير الطماطم وبعض الخضر الى افريقيا وبالحملات الروتينية لمحاربة الادخار والتركيز. دون ان يكون لهذه الإجراءات أي وقع على الأسعار.
لسبب بسيط هو أن عصب الرحى في هذه الاسعار الملتهبة هي أسعار المحروقات وبالتالي فإن اي إجراء لا يستهدف تسقيف أسعار المحروقات لن يلبي طلبات الساكنة في أسعار معقولة للمواد الأولية وذلك لاعتبار بسيط هو ان الانتاج والتموين والنقل عوامل مرتبطة بسعر المحروقات في محطات الوقود وما دام ان الحكومة رفضت كل الاقتراحات الرامية إلى تسقيف أسعار المحروقات ومنها على وجه التحديد تسقيف هوامش ربح الشركات والالغاء الجزئي لرسوم استيراد المحروقات وتحديدا الضريبة على القيمة المضافة والرسم على الاستهلاك الداخلي وهذه الضرائب لوحدها تشكل ما يقرب 40%من سعر المحروقات.
الغريب في الامر ان امريكا وبنظامها الليبرالي المتوحش نبه رئيسها إلى خطورة ما تجنبه شركات المحروقات من ارباح خيالية تجاوزت 200مليار دولار وهو ما يفوق الناتج الداخلي الخام للعديد من الدول ووعد في المقابل بوجوب رفع الضريبة على شراء أسهم شركات النفط المتحكمة في التوزيع والاستيراد والتخزين ونفس الشيء اقدمت عليه فرنسا التي حثت شركاتها على التحلي بالروح المواطناتية لتجاوز الأزمة ولتقتسم مع المواطنين تبعات الزيادة في أسعار المحروقات.
أما في المغرب وفي تصريح مثير لوزيرة الطاقة أكدت فيه ان وزارتها ليست من صلاحياتها النظر في أسعار المحروقات لتؤكد بهذا التصريح ان ملف المحروقات فعلا هو حارق ويمنع بالتالي الاقتراب منه، والا بماذا نفسر عدم الأخذ بعين الاعتبار لتوصية مجلس المنافسة السابق والذي أكدت تحرياته على وجود منافسة غير مشروعة وعلى اتفاق مسبوق حول بيع المحروقات للعموم واكثر من ذلك اصدر ذات المجلس توصية بتغريم شركات المحروقات ب 9% من رقم معاملاتها ليكون مصير المجلس وليس المحروقات هو الحل. مجلس المنافسة الجديد ايضا ما زال ينتظر من الحكومة اخراج المراسيم التطبيقية ليمارس مهمته في مراقبة أسعار المحروقات. ثم وهذا هو الاهم لماذا استثنيت المحروقات من الضرائب واين ذهبت توصية تضريب شركات المحروقات ب 40%. إذا أجبنا على هذه الأسئلة الحارقة نكون قد قطعنا نصف الطريق للحد الفعلي من أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية والتي لن تكون طبعا بالجمع بين السلطة والثروة.