فرنسا: تصاعد حدة التوتر سياسيا واجتماعيا عشية تعبئة جديدة احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد

فرنسا: تصاعد حدة التوتر سياسيا واجتماعيا عشية تعبئة جديدة احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد شتاء أسود يحاصر ماكرون بسبب الإحتجاجات على سياسته

تستعد فرنسا ليوم جديد من الاحتجاجات، الثلاثاء 31 يناير 2023 ضد إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك على خلفية بدء النقاش البرلماني حول نص المشروع المثير للجدل. ويأتي ذلك بعد مظاهرات وإضرابات واسعة شهدتها البلاد في 19 يناير الماضي. وتصاعدت حدة التوتر سياسيا واجتماعيا الإثنين لا سيما مع تحذير النقابات من حدوث مزيد من الاضطرابات، التي حمّلت ماكرون ووزراءه مسؤوليتها والتي من شأنها شل وسائل النقل العام والمدارس خدمات أخرى.

على خلفية بدء النقاش البرلماني حول النص المثير للجدل، تصاعدت حدة التوتر سياسيا واجتماعيا الإثنين في فرنسا، عشية يوم جديد من التعبئة في فرنسا احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون.

ويذكر أنه في اليوم الأول من المظاهرات والإضرابات في 19 يناير قد تجمع ما بين مليون ومليوني شخص للتعبير عن معارضتهم للإصلاح. وتأمل النقابات التي نادرا ما تكون متحدة بهذا الشكل، أن يكون التحرك الجديد بالزخم نفسه، وهو أمل أكدته استطلاعات الرأي التي أظهرت الرفض الشعبي المتزايد للمشروع.

وأفاد مصدر في الشرطة أن قوات الأمن تتوقع حشودا مماثلة في 240 مظاهرة في كل أنحاء البلاد الثلاثاء، بالإضافة إلى توقف المواصلات والمدارس وغيرها من الخدمات. ومع تحذير النقابات من حدوث مزيد من الاضطرابات، تمثل الإضرابات اختبارا رئيسيا لماكرون فيما يسعى لتطبيق سياسة استعراضية لفترة ولايته الثانية في المنصب.

وحمّلت ماتيلد بانو، النائبة عن حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، الرئيس إيمانويل ماكرون ووزراءه مسؤولية الاضطرابات التي من شأنها شل وسائل النقل العام وخدمات أخرى.

وقالت لمحطة "بي إف إم" التلفزيونية "إنهم من يريد إحداث فوضى في البلاد"، منتقدة تصريحات وزير الداخلية جيرالد دارمانان نهاية الأسبوع واصفة إياها بأنها "استفزاز".

وكان دارمانان، وهو حليف مقرب لماكرون، صرح السبت بأن الأحزاب السياسية اليسارية "تبحث فقط عن بث الفوضى في البلاد".

مصداقية ماكرون

ويتضمن مشروع إصلاح نظام التقاعد خصوصا رفع السن القانونية للتقاعد من 62 إلى 64 عاما وتسريع تمديد فترة المساهمة.

من جانبه قال ماكرون الإثنين إن الإصلاح "ضروري عندما نقارن أنفسنا ببقية أوروبا". ويؤكد أن هذا التغيير ضروري لضمان التمويل المستقبلي لنظام المعاشات التقاعدية والذي يتوقع أن يقع في عجز في السنوات القليلة المقبلة.

ويشير المعارضون إلى أن النظام متوازن حاليا، قائلين إن رئيس المجلس الاستشاري للمعاشات أخطر البرلمان أخيرا بأن "الإنفاق على المعاشات التقاعدية ليس خارج نطاق السيطرة".

أما بالنسبة إلى ماكرون الذي أبلغ الفرنسيين مرارا أنهم "في حاجة إلى أن يعملوا أكثر"، فإن الفشل في إقرار هذا الإصلاح من شأنه أن يقوض مصداقيته للفترة المتبقية من ولاته الثانية والأخيرة، وفق محللين.

ولمحت الحكومة برئاسة إليزابيث بورن إلى وجود هوامش للاستثناءات بشأن بعض الإجراءات فيما بدأت لجان برلمانية درس مشروع القانون الإثنين. وأشارت بورن إلى أنه يمكن تحسين الشروط للأشخاص الذين بدأوا العمل في سن مبكرة جدا أو للأمهات اللواتي توقفن عن العمل لرعاية الأطفال والأشخاص الذين استثمروا في مزيد من التعليم.

لكن بورن أكدت نهاية الأسبوع أن رفع السن التقاعدية إلى 64 عاما "غير قابل للتفاوض".

وأعلن الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل لوران بيرجيه أن بورن "لا يمكنها أن تبقى صامتة أمام هذه التعبئة الضخمة".

معركة برلمانية

ستتوقف غالبية خدمات المترو والسكك الحديدية في ضواحي باريس عن العمل إلى حد كبير الثلاثاء، كما قالت الهيئة المشغلة Regie autonome des transports parisiens، فيما سيتعطل التنقل بين المدن مع تشغيل قطار من كل ثلاثة قطارات "تي جي في" عالية السرعة، وفق الشركة الوطنية للسكك الحديد في فرنسا (SNCF).

وسيشمل الإضراب مرة أخرى وبشكل كبير وسائل النقل وقطاع التعليم. وأعلنت شركة "اير فرانس" إلغاء رحلة واحدة من أصل عشر قصيرة ومتوسطة على ألا تتأثر الرحلات البعيدة.

كذلك، سيشارك حوالى نصف الأساتذة في الحضانات والمدارس الابتدائية في الإضرابات، وفق نقابة "Snuipp-FSU" للمعلمين.

ويواجه ماكرون وحلفاؤه أيضا صعوبات في البرلمان كما في الشارع.

فقد قدمت المعارضة اليسارية أكثر من سبعة آلاف تعديل لمشروع القانون في محاولة لإبطاء مساره عبر البرلمان.

ويفتقر ماكرون إلى غالبية في الجمعية الوطنية، ويأمل في الحصول على دعم اليمين لتبني مشروعه الإصلاحي.

وأظهر استطلاع جديد أجرته مجموعة "أوبينيون واي" ونشرته صحيفة "لي زيكو" المالية اليومية الإثنين، أن 61 % من الفرنسيين يؤيدون الحركة الاحتجاجية، بزيادة ثلاث نقاط مئوية عن استطلاع مماثل أجري في 12 يناير2023.