عبد السلام المساوي: خديجة أسد.. لالة فاطمة أو الحزن العميق في المجال الفني

عبد السلام المساوي: خديجة أسد.. لالة فاطمة أو الحزن العميق في المجال الفني عبد السلام المساوي
 بعد رحيل أحمد بادوج وثريا جبران وعبد الجبار لوزير وشامة الزاز وحمادي التونسي وسعد الله عزيز وعبد الرؤوغ ...دفتر العزاء الفني يفتح من جديد لاسم كبير في التمثيل والمسرح ، على إثر رحيل الفنانة الكبيرة خديجة أسد.
ويتوالى الفقدان الفني ، إنه زمن الحزن والضيق الكبير في المجال الفني .
يفتح دفتر العزاء الفني من جديد لرائدة فنية في التمثيل والمسرح ، رائدة كبيرة اسمها خديجة أسد  ...
خديجة / لالة فاطمة...الفن أنت ...التمثيل أنت ...الإبداع أنت ...
فنانة مغربية ....فنان أصيلة ...العفة والكبرياء ...الشموخ والتحدي ...السمو والرفعة ...انت عنوان البهجة ...
أحببناك ...بكل تقدير واحترام ... روح مرحة ...ممثلة أنيقة..خفيفة الروح ، من هنا كنت تستقبلين في البيوت على التلفزيون وخشبات المسرح وقاعات السينما بإعجاب مستحق وترحاب كبير من طرف المغاربة ...
شكلت مع الفنان سعد الله عزيز  ثنائيا فنيا جميلا بعناوين الانسجام والتناغم والحب ...فكانت النتيجة أعمال فنية جميلة ...مسرحيات وسلسلات أمتعتنا وأطربتنا ...فتحية لفرقة مسرح الثمانين...
ترحلين...لا ... تعبت ...لا ... تختفين ...لا...أنت حية في قلوبنا ، في عقولنا ...
اقتحمت مجال الفن وانت مبدعة...مواهبك أهلتك لتدخلي معبد الإبداع الذي  لا يدخله إلا النابغات ...
دخلت ناجحو وتغادرين وانت أنجح...
وننحني احتراما لك ايتها الفنانة الكبيرة ...ايتها الفنانة المغربية...سلاما سلاما...
لم أجد ما أمني به النفس أو أتوسله لإبعاد النبأ الأليم عن دوائر اليقين التي تستعصي على كل عوامل اختراق الريبة والشك التي تحركت بقوة في نفسي فور وقوع عيني على الخبر، من قوة الدهشة ومن هول الصدمة ربما. لكن،  لا بد مما ليس منه بد، حتى ولو كان عبء النعي ثقيلًا وثقيلًا جدا، فلا مناص من التحمل، ولا سبيل إلى الهروب من هكذا عبء وهكذا ثقل. لقد رحلت خديجة أسد  وليس رحيلها أي رحيل.
هناك عدد كبير من الأعزاء، أصدقاءً وإخوةً ورفاقًا، فنانين ومبدعين رحلوا وهم يرحلون بوتيرة متسارعة مع تقدم عمري وأعمارهم أو بطريقة لا يعرف أسرارها العشوائية غير الموت ربما، لكنه مع ذلك رحيل يبدو من منطق الأشياء. رتابة الحياة الدنيا: ميلاد وفرحته ومرض وآلامه ورحيل ونصيبه المؤكد من الأحزان ومن الدموع. ولكن ذلك يظل ضمن منطق الأشياء. فمن سيدفن من؟ ومتى؟ هذا سؤال متواتر بين الإنسان ونفسه وبينه وبين أحبائه. يقال جهارًا مرات قليلة ربما، لكنه سؤال وجودي عميق ملازم للنفس لا يكاد يغيب عنها حقا إلا في ما ندر من الأحوال.
هذا قدر. هذا قضاء وقدر، نقول عبر لغاتنا المختلفة، استكانةً وخضوعا، تعبيرًا عن يقين عاجز حتى عن التفكير في تغيير منطق الرحيل المتواتر الأبدي بل وعن استعادة السكينة إلى رجة الأعماق وتوتراتها جراء وقع صدمة ساعة الرحيل. 
لكن الرحيل الذي يبدو متماثلا في مواصفاته البادية بل والذي يمكن الاعتقاد بكونه وحيد جنسه بين بني البشر، ليس كذلك في الواقع. فكل رحيل فريد نوعه. وهذه الفرادة بالذات هي التي تقف حاجزًا رئيسًا  أمام تقديم شهادة عن خديجة أسد .
إن شهادتي في الفقيدة مجروحة بحكم علاقات ترجع إلى زمن الطفولة . إذن ،  لا تنتظروا مني شهادة الوقائع والأحداث والحديث عن إنتاجات الراحلة في التمثيل والفكاهة والمسرح  ، لأنها لا تفي بالغرض في هذا الرحيل، وفي هذه الراحلة  الكبير ة بالذات. لذلك اخترت لشهادتي أن تكون شهادة الوجدان العميق، شهادتي الفريدة النابعة من وشم الطفولة.
عرفت خديجة  بقلبي. استوطنت الوجدان قبل أن تستقر عيني على عينها في سينما باريس بوجدة وفي مهرجان السعيدية ،لذلك فأنا سأنطلق من وجداني في شهادتي المتواضعة هذه في حق فقيدتنا الكبيرة.
خديجة  ، أشهر الفنانات المغربيات  ... 
الفنانة المغربية خديجة أسد ، تعد رمزا للمسرح بالنسبة لجيلنا ،والتي كانت تنجح في حملنا معها الى عالمها البسيط المفرح ،وكنا ساعتها نفلح في مشاركتها كل ذاك الفرح ،شخصيتها المتفردة ،التي تفيض " ابداعا "و"مرحا "من خلالها كان تذرع بنا في عالمها الذي طالما أبهرنا .بعيدا عن "بهرجة "متعمدة" هدفها تجاري محض بئيس،على شاكلة أغلب ما يروج الآن ،والذي يقرفنا ولم يحقق لدينا أي متعة ،فوليناه  ظهورنا ،واعجابنا ،وماكنا على ذلك بنادمين .
خديجة ...فنانة بالطبع والطبيعة ...بالفطرة والغريزة ...عفوية وتلقائية ...من هنا كان الصدق ...وكان الحب...
خديجة فنانة ...بدون مساحيق هي فنانة ...بدون تكلف هي فنانة ...بدون تصنع هي  فنانة ...هي لالة فاطمة ... هي مغربية ...
رحمك الله أيتها الفنان الجميلو وأسكنك خير جناته بقدر ما أسعدتنا وانتزعت البسمة من على شفاهنا مرات ومرات رغم أنف زمن تبدلت فيه الأمزجة واعترت فيه حيواتنا المتاعب والأكدار.. ربما قدرنا ان نفقد جميع من نحب حتى من أثروا ذاكرة طفولتنا بوميض توهجهم في تقديم فن نقي بعيدا عن التفاهة  والاسترزاق .. يوم حزين خديجة أضافه رحيلك عنا إلى قائمة الأيام الحزينة فوداعا ...
ليس سهلا ان نستوعب  اليوم رحيل خديجة..انه ليس رحيلا لفنانة كبيرة فقط ...انه رحيل لمكون من مكونات هويتنا ثقب في الذاكرة والوجدان ...يتم للفن المغربي في تجلياته الإبداعية التلقائية...