كريم مولاي: زعيم المافيا تبون.. أمل وحزن في عيد ميلادي

كريم مولاي: زعيم المافيا تبون.. أمل وحزن في عيد ميلادي كريم مولاي
عام آخر من العمر يمضي، ولازال حلم العودة إلى الديار الجزائرية لم يتحقق بعد.. في المنافي تستوي الأيام والأشهر والسنين، ويتغير طعم الحياة من الإنساني الضيق المتصل بالأرحام التي أوصى بها رب العزة وجعلها متصلة به، إلى السعة الإنسانية التي ترى في الكرة الأرضية عاما موحدا، بعد أن تمكن الإنسان من إبداع وسائل التواصل الحديثة اختزل الزمان والمكان..
لا أخفيكم سرا أهلي في الجزائر وأحبتي ممن عرفت على مدى العقدين والنصف الماضيين من منفاي، أنني فخور ليس فقط لأنني أخذت القرار الصحيح يوم أعلنت رفضي الاستمرار في خدمة مافيا أمنية وعسكرية اختطفت ولازالت ترهن الجزائر لمصالح ضيقة وأجندات دولية، وإنما لأنني مازلت أسهم في كشف المتحيلين ممن يمسكون برقاب الجزائريين، وحولوا حياتهم إلى معاناة يومية دفعت الكثير منهم إلى المغامرة بحياتهم..
تأتي ذكرى ميلادي الخامسة بعد العقد الخامس، أياما قليلة بعد الرسالة الشهيرة التي وجهها الناشط السياسي الجزائري رشيد نكاز إلى مافيا الحكم في الجزائر، والتي أعلن فيها عن تخليه بالكامل عن أي نشاط في الشأن العام، فقط أن يسمحوا له بالعلاج قرب أسرته في المنافي.. وهي حادثة مؤلمة تترجم مدى الانهيار القيمي والأخلاقي الذي وصلت إليه مافيا الحكم في بلادنا، وتؤكد مرة أخرى صوابية القرار الذي اتخذته مبكرا حين اخترت المنفى عن الاستمرار في تكريس الاستبداد والظلم..
ما يؤلمني في هذه الذكرى التي أحتفل بها بمعية أحبة جمعتني بهم أيام المنفى، ليس فقط هذه القصة الإنسانية المؤلمة لرشيد نكاز، وإنما قصة الجزائر الحزينة.. بلد يرقد على مخزون ضخم من النفط والغاز بينما أبناؤه تأكلهم حيتان البحر الأبيض المتوسط في قوارب موت لا هدف لها إلا البحث عن الكرامة المفقودة في الديار الجزائرية..
وما يزيد من حسرة كل وطني غيور على بلاده، أنه بينما تتالى تصريحات عدد من المسؤولين الفرنسيين تجاه الجزائر بدءا بالرئيس ماكرون الذي جدد موقف بلاده الرافض للاعتذار للجزائريين، مؤكدا أن الأولى بالاعتذار هم أبناء الحركى الذين عملوا مع الاستعمار ضد الثورة، ثم ما صدر عن سفير فرنسي سابق في الجزائر قال بأن بلادنا على وشك الانهيار التام، فيرد عليها المافيا بذهاب قائد الجيش السعيد شنقريحة استعدادا لزيارة زعيم المافيا عبد المجيد تبون..
ربما سألني أحدكم لماذا أذكر هذه المآسي في ذكرى ميلادي السنوية؟ والجواب هو ببساطة الذي بدأت به خاطرتي هذه: الغرباء عن الأوطان أعياد الميلاد لا تغريهم ولا تنسيهم عيدهم الغائب، وهو إنهاء الاستبداد والتأسيس لانتقال ديمقراطي حقيقي ينعم فيه الجزائري بالحياة الحرة الكريمة، التي تحفظ له نفسه وماله وعرضه ورحمه..
كل عام وأنتم بخير أحبتي وشكرا لكل من هنأني في هذه الذكرى.. والأمل أن لا يطول ليل الاستبداد في بلادنا الحبيبة..
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري / لندن